117

Ikham al-Ahkam Sharh Umdat al-Ahkam

إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

Penerbit

مطبعة السنة المحمدية

Genre-genre

Sains Hadis
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] أَحَدُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَعُلَمَائِهِمْ. كَانَ يُقَالُ لَهُ " الْبَحْرُ " لَسِعَةِ عِلْمِهِ. مَاتَ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَوُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ مَبَاحِثُ: الْأَوَّلُ: يُقَالُ " عَتَمَ اللَّيْلُ " يَعْتِمُ - بِكَسْرِ التَّاءِ - إذَا أَظْلَمَ، وَالْعَتَمَةُ: الظُّلْمَةُ وَقِيلَ: إنَّهَا اسْمٌ لِثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ. نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْخَلِيلِ. وَقَوْلُهُ " أَعْتَمَ " أَيْ دَخَلَ فِي الْعَتَمَةِ، كَمَا يُقَالُ: أَصْبَحَ، وَأَمْسَى، وَأَظْهَرَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ [الروم: ١٧]- إلَى قَوْلِهِ - ﴿وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم: ١٨] . الثَّانِي: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كَرَاهِيَةِ تَسْمِيَةِ " الْعِشَاءِ " بِالْعَتَمَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ قَوْلَهُ " أَعْتَمَ " أَيْ دَخَلَ فِي وَقْتِ الْعَتَمَةِ. وَالْمُرَادُ: صَلَّى فِيهِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ سَمَّى الْعِشَاءَ " عَتَمَةً " وَأَصَحُّ مِنْهُ: الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ ﷺ «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ» وَمِنْهُمْ مِنْ كَرِهَ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ أَنْ لَا تُسَمَّى صَلَاةُ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ. وَمُسْتَنَدُهُ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، أَلَا وَإِنَّهَا الْعِشَاءُ. وَلَكِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» أَيْ يُؤَخِّرُونَ حَلْبَهَا إلَى أَنْ يُظْلِمَ الظَّلَامُ. وَعَتَمَةُ اللَّيْلِ: ظُلْمَتُهُ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَقْصُودِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: صِيغَةُ النَّهْيِ. وَالثَّانِي: مَا فِي قَوْلِهِ " تَغْلِبَنَّكُمْ " فَإِنَّ فِيهِ تَنْفِيرًا عَنْ هَذِهِ التَّمْسِيَةِ. فَإِنَّ النُّفُوسَ تَأْنَفُ مِنْ الْغَلَبَةِ. وَالثَّالِثُ: إضَافَةُ الصَّلَاةِ إلَيْهِمْ، فِي قَوْلِهِ " عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ " فَإِنَّ فِيهِ زِيَادَةً. أَلَا تَرَى أَنَّا لَوْ قُلْنَا: لَا تُغْلَبَنَّ عَلَى مَالِكَ: كَانَ أَشَدَّ تَنْفِيرًا مِنْ قَوْلِنَا: لَا تُغْلَبَنَّ عَلَى مَالٍ، أَوْ عَلَى الْمَالِ؟ لِدَلَالَةِ الْإِضَافَةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِهِ. وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ: أَنْ تَجُوزَ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ، وَيَكُونُ الْأَوْلَى تَرْكُهَا. وَقَدْ قَدَّمْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْأَوْلَى تَرْكَ الشَّيْءِ، وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَكْرُوهًا. أَمَّا الْجَوَازُ: فَلَفْظُ الرَّسُولِ ﷺ. وَأَمَّا عَدَمُ الْأَوْلَوِيَّةِ: فَلِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ - وَهُوَ قَوْلُهُ " لَا أُحِبُّ " - أَقْرَبُ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِهِ " وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهَا الْعَتَمَةُ ". أَوْ يَقُولُ: الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ الْغَلَبَةُ عَلَى الِاسْمِ. وَذَلِكَ بِأَنْ يُسْتَعْمَلَ دَائِمًا،

1 / 175