Ihkam Ahkam Sharh Cumdat Ahkam

Ibn Daqiq al-Id d. 702 AH
70

Ihkam Ahkam Sharh Cumdat Ahkam

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Penerbit

مطبعة السنة المحمدية

Genre-genre

Sains Hadis
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] حَدِيثٍ آخَرَ «فَانْسَلَلْتُ مِنْهُ» وَرُوِيَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَيْضًا «فَانْبَخَسْت مِنْهُ» مِنْ الْبَخْسِ، وَهُوَ النَّقْصُ، وَقَدْ اُسْتُبْعِدَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ، وَوُجِّهَتْ - عَلَى بُعْدِهَا - بِأَنَّهُ اعْتَقَدَ نُقْصَانَ نَفْسِهِ بِجَنَابَتِهِ عَنْ مُجَالَسَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَوْ مُصَاحَبَتِهِ، مَعَ اعْتِقَادِهِ نَجَاسَةَ نَفْسِهِ، هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ، وَقَوْلُهُ " كُنْتُ جُنُبًا " أَيْ كُنْتُ ذَا جَنَابَةٍ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَمْعِ ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] وَقَالَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﵌ " إنِّي كُنْتُ جُنُبَا " وَقَدْ يُقَالُ: جُنُبَانِ، وَجُنُبُونَ، وَأَجْنَابٌ، وَقَوْلُهُ " فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ " يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الطَّهَارَةِ فِي مُلَابَسَةِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ إنَّمَا رَدَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَمْ تَزُلْ، بِقَوْلِهِ " إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ " لَا رَدًّا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ اسْتِحْبَابِ الطَّهَارَةِ لِمُلَابَسَتِهِ ﷺ وَفِي هَذَا نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ " سُبْحَانَ اللَّهِ، " تَعَجُّبٌ مِنْ اعْتِقَادِ أَبِي هُرَيْرَةَ التَّنَجُّسَ بِالْجَنَابَةِ، وَقَوْلُهُ " إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ " يُقَالُ: نَجَسَ وَنَجُسَ، يَنْجُسُ - بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ. [طَهَارَة الْمَيِّتِ مِنْ بَنِي آدَمَ] ١ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَيِّتِ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَالْحَدِيثُ دَلَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ، فَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ بِالْمُؤْمِنِ، وَالْمَشْهُورُ التَّعْمِيمُ، وَبَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ: يَرَى أَنَّ الْمُشْرِكَ نَجَسٌ فِي حَالِ حَيَّاتِهِ أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨] وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ: إنَّهُ " نَجَسٌ " بِمَعْنَى أَنَّ عَيْنَهُ نَجِسَةٌ، وَيُقَالُ فِيهِ: إنَّهُ " نَجِسٌ " بِمَعْنَى أَنَّهُ مُتَنَجِّسٌ بِإِصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهُ، وَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ عَيْنَهُ لَا تَصِيرُ نَجِسَةً؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَنَجَّسَ بِإِصَابَةِ النَّجَاسَةِ، فَلَا يَنْفِي ذَلِكَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الثَّوْبَ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ: هَلْ يَكُونُ نَجِسًا أَمْ لَا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ نَجِسٌ، وَأَنَّ اتِّصَالَ النَّجَسِ بِالطَّاهِرِ مُوجِبٌ لِنَجَاسَةِ الطَّاهِرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الثَّوْبَ طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُمْتَنَعُ اسْتِصْحَابُهُ فِي

1 / 128