Pengurusan Islam dalam Kejayaan Arab
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Genre-genre
وافرغ من عمل يومك ولا تؤخره لغدك، وأكثر مباشرته بنفسك، فإن لغد أمورا وحوادث تلهيك عن عمل يومك الذي أخرت. واعلم أن اليوم إذا مضى ذهب بما فيه، وإذا أخرت عمله اجتمع عليك أمر يومين، فيشغلك ذلك حتى تعرض عنه، فإذا أمضيت لكل يوم عمله، أرحت نفسك، وبذلك أحكمت أمور سلطانك. وانظر أحرار الناس وذوي الشرف
56
منهم ممن تستيقن صفاء طويتهم، وشهدت مودتهم لك، ومظاهرتهم بالنصح والمخالصة على أمرك، فاستخلصهم وأحسن إليهم، وتعاهد أهل البيوتات ممن قد دخلت عليهم الحاجة، فاحتمل مئونتهم، وأصلح حالهم حتى لا يجدوا لخلتهم مسا، وأفرد نفسك للنظر في أمور الفقراء والمساكين، ومن لا يقدر على رفع مظلمة إليك، والمحتقر الذي لا علم له بطلب حقه، فسل عنه أحفى مسألة، ووكل بأمثاله أهل الصلاح من رعيتك، ومرهم برفع حوائجهم وحالاتهم إليك؛ لتنظر فيها بما يصلح الله به أمرهم، وتعاهد ذوي البأساء ويتاماهم وأراملهم، واجعل لهم أرزاقا من بيت المال ...
وأجر للأضراء
57
من بيت المال، وقدم حملة القرآن منهم، والحافظين لأكثره في الجراية على غيرهم، وانصب لمرضى المسلمين دورا تؤويهم، وقواما يرفقون بهم، وأطباء يعالجون أسقامهم، وأسعفهم بشهواتهم ما لم يؤد ذلك إلى سرف في بيت المال. واعلم أن الناس إذا أعطوا حقوقهم وفضل أمانيهم ، لم يرضهم ذلك ولم تطب أنفسهم دون رفع حوائجهم إلى ولاتهم؛ طمعا في نيل الزيادة، وفضل الرفق منهم، وربما تبرم المتصفح لأمور الناس؛ لكثرة ما يرد عليه ويشغل فكره وذهنه منها، ما يناله به مئونة ومشقة.
وأكثر الإذن للناس عليك وأبرز للناس وجهك، وسكن لهم حواسك، واخفض لهم جناحك، وأظهر لهم بشرك، ولن لهم في المسألة والمنطق، واعطف عليهم بجودك وفضلك، وإذا أعطيت فأعط بسماحة وطيب نفس، والتماس الصنيعة والأجر من غير تكدير ولا امتنان؛ فإن العطية على ذلك تجارة مربحة ... واعرف ما تجمع عمالك من الأموال وينفقون منها، ولا تجمع حراما، ولا تنفق إسرافا، وأكثر مجالسة العلماء ومشاورتهم ومخالطتهم، وليكن هواك اتباع السنن وإقامتها، وإيثار مكارم الأمور ومعاليها. وليكن أكرم دخلائك وخاصتك عليك من إذا رأى عيبا فيك لم تمنعه هيبتك من إنهاء ذلك إليك في سر، وإعلامك ما فيه من النقص؛ فإن أولئك أنصح أوليائك ومظاهريك.
وانظر عمالك الذين بحضرتك وكتابك فوقت لكل منهم في كل يوم وقتا يدخل به عليك بكتبه ومؤامرته، وما عنده من حوائج عمالك وأمور كورك ورعيتك، ثم فرغ لما يورده عليك من ذلك سمعك وبصرك وفهمك وعقلك، وكرر النظر فيه والتدبر له، فما كان موافقا للحزم والحق فأمضه، واستخر الله فيه، وما كان مخالفا لذلك فاصرفه إلى التثبت فيه والمسألة عنه. ولا تمنن على رعيتك ولا على غيرهم بمعروف تؤتيه إليهم، ولا تقبل من أحد منهم إلا الوفاء والاستقامة والعون في أمور أمير المؤمنين، ولا تضعن المعروف إلا على ذلك ...»
أرأيتم هذا الكلام الآخذ بجماع الفوائد الذي كتب به طاهر بن الحسين إلى ابنه قبل خمسين ومائة وألف سنة في هذا الموضوع الجليل الذي فيه قوام الممالك والشعوب؟ أتظنون أن هذه الأفكار يصدر اليوم أحسن منها عن أكبر عالم إداري عارف بطبائع الناس وما يصلحهم، والممالك وما ينبغي لها؟ وعرفنا من هذا الكتاب مكانة طاهر بن الحسين من قيام الدولة والدفاع عن حوزة الخلافة، وأن المأمون الذي يكون من جملة قواده ورجال دولته هذا العظيم لا بد أن يكون في عمله جد عظيم. وقد تقدم معنا أن عبد الله بن طاهر ندب لحرب بن نصر بن شبث، فلما استأمن هذا وصفت البلاد، جاء الشام فعمل أحسن الأعمال لراحلة أهلها واستقراها بلدا بلدا، لا يمر ببلد إلا أخذ من رؤساء القبائل والعشائر والصعاليك والزواقيل،
58
Halaman tidak diketahui