أقول: الواو التي في: «وبعد» عوض عن أما، التي هي عوض عن مهما؛ والأصل: مهما يكن من شيء بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله فهو كذا. وهنا إخباره في قوله: «فقد سألني» فالفاء هي رابطة لجواب الشرط المحذوف؛ قال سيدي نور الدين - رضي الله عنه - : «وبعد كلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب الكلام إلى أسلوب آخر، ليحصل بذلك التخلص من الاقتضاب، الذي هو الانتقال من أسلوب إلى أسلوب بلا مناسبة بينهما، وأصلها: أما بعد، بدليل لزوم الفاء في خبرها لتضمن. أما معنى الشرط، وإنما لزمت الفاء بعدها ولم تلزم في بقية أدوات الشرط لأنها لما وضعت بالنيابة تقوت بذلك، والأصل: مهما يكن من شيء، فمهما مبتدأ، والاسمية لازمة له، ويكن شرط، والفاء لازمة له وهي تامة، وفاعلها شيء يجعل من زائدة في الإثبات على قوله، أو ضمير مستتر عائد على مهما، والمجرور بيان للجنس؛ واعترض الأول بخلو الخبر عن الربط، وأجيب بأنه مقدر، أي شيء معه؛ واعترض الثاني بأن يكون البيان أخص من المبين وهو هنا مساو له، وأجيب بأن محل وجوب الخصوص في البيان إذا لم يرد به التعميم وإلا جاز فيه المساواة كما هنا، ثم إن الواو في «وبعد» محتمل أن تكون نائبة عن أما، وبها ألغز بعضهم في قوله:
وما واو لها شرط ... يليه ... جواب قرنه بالفاء حتما
Halaman 52