99

أما الثنوية: وسموا ثنوية لقولهم بإلاهين اثنين فإنهم يقولون بأن النور والظلمة صانعان للعالم قديمان، وإن النور مجبول على الخير لا يقدر على فعل الشر، والظلمة مجبولة على الشر لا تقدر على فعل الخير، فإنهما امتزجا فحصل منهما العالم، وأن جهة النور العلو وجهة الظلمة السفل.

وأما المجوس: فإنهم يقولون: بأن العالم له صانعان يسمون أحدهما يزدان والثاني إهرمن وأن جميع ما في العالم من الخير وهو ما تشتهيه النفوس فهو من يزدان، وما وقع فيه من الشر فهو من إهرمن، والشر عندهم ما تنفر عنه النفوس، والمشهور عنهم أنهم يعبرون بيزدان على الباري ويعتقدونه كما نعتقده، وبإهرمن عن الشيطان ويعتقدونه كما نعتقده، ثم منهم من قال: هما جسمان، ومنهم من قال: ليسا بجسمين، ومنهم من قال يزدان جسم دون إهرمن، ومنهم: من عكس، ثم اختلفوا في إهرمن، فمنهم من قال إنه قديم، ومنهم من قال: إنه محدث، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: حدث من عفونة كانت مع يزدان، والعفونة هي المزبلة، ومنهم من قال: حدث من فكرة ردية ليزدان وذلك أن يزدان لما استتب له الأمر نظر فقال: لو كان معي منازع كيف كانت الحال فحدث إهرمن من ذلك وقال: أنا منازعك ومخاصمك فاقتتلا قتالا شديدا ثم تهادنا بعد ذلك على أن يقيم الشيطان في الأرض مدة معلومة، قالوا: ونحن الآن في تلك المدة. واختلفوا إذا انقضت المدة، ماذا يكون؟ ولهم في ذلك خرافات طويلة.

Halaman 117