Idah Fi Sharh Misbah
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Genre-genre
قلنا: إن الأمة قد افترقت على قولين، فرقة قالت: أنه لا يرى نفسه ولا يراه غيره ، وفرقة قالت يرى نفسه (ولا يراه) غيره، فالقول بأنه يرى نفسه ولا يراه غيره قول ثالث رافع للقولين السابقين فيكون خرقا للإجماع، وأما ما روي أن بعضهم قال به فهي حكاية شاذة على أن الإجماع منعقد قبل ذلك القائل وبعده فلا اعتداد بخلافه، فثبت بذلك المذكور من دليل العقل القطعي أن الله تعالى لا يرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة وبطل ما قاله المخالفون جميعا وقد جاء السمع مؤكدا لما دل عليه العقل من نفي الرؤية قال تعالى{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}(الأنعام:103) فنفى سبحانه أن يدرك بالبصر مطلقا في كل وقت وكل بصر لأن الفعل وقع في سياق النفي المطلق والأبصار جمع معرف باللام فكل ذلك يوجب الاستغراق. وقد اعترض الرازي على الاستدلال بالآية الكريمة فقال: إما أن تحملوا الأبصار على حقيقتها أو تجعلوها بمعنى المبصرين، إن قلتم الأول لم يصح لكم الاستدلال لأنا لا نقول إن الأبصار هي المدركة له تعالى وإنما يدركه المبصرون، وإن قلتم بالثاني لزمكم في قوله تعالى{وهو يدرك الأبصار} أن يكون معناه وهو يدرك المبصرين وهو تعالى يبصر ويدرك نفسه وكل من قال بأنه يدرك نفسه قال بأنه يدركه غيره.
الجواب: أنا لا نحمل الأبصار على حقيقتها إذ لا مدح حينئذ، ولا على أن المراد بها المبصرون مطلقا إذ لا دليل فيها على ذلك بل على المبصرين بالأبصار فيكون معناه لا يدركه أهل الأبصار وهو يدرك أهل الأبصار والقديم تعالى ليس من أهل الأبصار فاندفع الإشكال.
Halaman 110