وإنما يأخذ مسح وجهه إذا أراد أن يمسحه المتيمم من الجبهة إلى أسفل الوجه قياسا على الطهارة الرطبة وإن ابتدأ بالمسح من أسفل الوجه إلى فوق فلا بأس عليه وكذلك إن أخذه من جانب الوجه وأخذ المسح من وسط وجهه حتى أتى بالمسح على وجهه كله، وكذلك إن مسح بإحدى يديه من فوق الوجه ومسح بالأخرى من أسفل حتى التقتا فإن هذا كله يسمى ماسحا ويجزيه لأن التحديد بالشرع في هذا كله معدوم والله أعلم. وإن تيمم لليدين قبل الوجه فإنه لا يجزيه، وقال بعضهم يجزيه، وسب الاختلاف([15]) هو سبب اختلافهم في حرف الواو هل توجب الجمع أو الترتيب؟ وقد تقدم معنى الاختلاف في هذا في باب الوضوء، فلا معنى لإعادته، وكذلك الموالاة عندهم في التيمم كاختلافهم في وجوب الموالاة في الوضوء مثل أن يتيمم لوجهه فيمكث ساعة أو أكثر ثم يتيمم ليديه فإن ذلك يجزيه عند من لم يوجب الموالاة ما لم يقطع ما بينها بحدث والله أعلم. واختلفوا هل يجب على المتيمم إيصال التراب إلى أعضائه أم لا؟ قال بعضهم: يجب. وقال آخرون: لا يجب. وسبب الاختلاف الاشتراك الذي في حرف ( من ) في قوله تعالى: { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } فإنها ترد في كلام العرب للتبعيض وترد لتمييز الجنس فمن ذهب إلى أنها للتبعيض في قوله تعالى: { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } أوجب نقل التراب إلى الأعضاء، ويعضد هذا القول قياس التيمم على الوضوء، ومن ذهب إلى أنها لتمييز الجنس لم ير النقل واجبا وأجاز التيمم على الأرض والقاع والحائط ورجح مذهبه بحديث النبي عليه الصلاة والسلام ( أنه ضرب بيديه على الصعيد ونفخ فيهما ومسح بهما وجهه ) والله أعلم، وبالله التوفيق.
---------------------------------------------------------------------- ----------
[1] سورة المائدة آية 6.
[2] قوله: أجمع أصحابنا ووافقهم على ذلك الشافعي في القديم وصححه بعض أصحابنا ومالك في بعض أقواله.
Halaman 301