458

Iktisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Editor

سليم بن عيد الهلالي

Penerbit

دار ابن عفان

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Lokasi Penerbit

السعودية

وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُحْدَثَاتِ، فَصَارَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ عَائِدَةً عَلَى مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهَا بِالْإِبْطَالِ أَوِ الْإِخْلَالِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ مَا مِنْ بِدْعَةٍ تُحْدَثُ إِلَّا وَيَمُوتُ مِنَ السُّنَّةِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ هَذَا الْقِيَاسَ مُخَالِفٌ لِأَصْلٍ شَرْعِيٍّ - وَهُوَ طَلَبُ النَّبِيِّ ﷺ السُّهُولَةَ وَالرِّفْقَ وَالتَّيْسِيرَ وَعَدَمَ التَّشْدِيدِ ـ، وَزِيَادَةُ وَظِيفَةٍ لَمْ تُشْرَعْ فَتَظْهَرُ وَيُعْمَلُ بِهَا دَائِمًا فِي مَوَاطِنِ السُّنَنِ؛ فَهُوَ تَشْدِيدٌ بِلَا شَكٍّ.
وَإِنْ سَلَّمْنَا مَا قَالَ؛ فَقَدْ وَجَدَ كُلُّ مُبْتَدَعٍ مِنَ الْعَامَّةِ السَّبِيلَ إِلَى إِحْدَاثِ الْبِدَعِ، وَأَخْذِ هَذَا الْكَلَامِ بِيَدِهِ حُجَّةً وَبُرْهَانًا عَلَى صِحَّةِ مَا يُحْدِثُهُ كَائِنًا مَا كَانَ، وَهُوَ مَرْمًى بَعِيدٌ.
ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الدُّعَاءِ إِثْرَ الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَنُقِلَ فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَنْوَاعًا مِنَ الْكَلَامِ، وَلَيْسَ [هَذَا] مَحَلَّ النِّزَاعِ، بَلْ جَعَلَ الْأَدِلَّةَ شَامِلَةً لِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَعَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ وَعَمَلُ النَّاسِ وَكَلَامُ الْعُلَمَاءِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ كَمَا قَدْ ظَهَرَ "، قَالَ: " وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ ﵇ كَانَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَوَاتِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَخُصَّ نَفْسَهُ بِتِلْكَ الدَّعَوَاتِ، إِذْ قَدْ جَاءَ مِنْ سُنَّتِهِ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إِلَّا بِإِذْنِهِمْ، وَلَا يَخُصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ».
فَتَأَمَّلُوا يَا أُولِي الْأَلْبَابِ! فَإِنَّ عَامَّةَ النُّصُوصِ فِيمَا سُمِعَ مِنْ أَدْعِيَتِهِ

1 / 478