316

Iktisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Penyiasat

سليم بن عيد الهلالي

Penerbit

دار ابن عفان

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Lokasi Penerbit

السعودية

رَآنِي» وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، إِذْ سُئِلَ عَنْ حَاكِمٍ شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ مَشْهُورَانِ بِالْعَدَالَةِ فِي قَضِيَّةٍ، فَلَمَّا نَامَ الْحَاكِمُ؛ ذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ لَهُ: تَحْكُمُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ؟! فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ؟.
فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْعَمَلَ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِبْطَالٌ لِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ بِالرُّؤْيَا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْتَقَدَ، إِذْ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ مِنْ نَاحِيَتِهَا إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ رُؤْيَاهُمْ وَحْيٌ، وَمَنْ سِوَاهُمْ؛ إِنَّمَا رُؤْيَاهُمْ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَآنِي حَقًّا»، أَنَّ كُلَّ مَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ رَآهُ فَقَدْ رَآهُ حَقِيقَةً، بِدَلِيلٍ أَنَّ الرَّائِيَ قَدْ يَرَاهُ مَرَّاتٍ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَيَرَاهُ الرَّائِي عَلَى صِفَةٍ، وَغَيْرِهِ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى. وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَخْتَلِفَ صُوَرُ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا صِفَاتُهُ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ: مَنْ رَآنِي عَلَى صُورَتَيِ الَّتِي خُلِقْتُ عَلَيْهَا. فَقَدْ رَآنِي، إِذْ لَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي، إِذْ لَمْ يَقُلْ: مَنْ رَأَى أَنَّهُ رَآنِي فَقَدْ رَآنِي؛ وَإِنَّمَا قَالَ: «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَآنِي»، وَأَنَّى لِهَذَا الرَّائِي الَّذِي رَأَى أَنَّهُ رَآهُ عَلَى صُورَةٍ أَنَّهُ رَآهُ عَلَيْهَا؟، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ رَآهُ، مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ صُورَتُهُ بِعَيْنِهَا؟!، وَهَذَا مَا لَا طَرِيقَ لِأَحَدٍ إِلَى مَعْرِفَتِهِ.
فَهَذَا مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ رُشْدٍ، وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْمَرْئِيَّ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِنِ اعْتَقَدَ الرَّائِي أَنَّهُ هُوَ.
الثَّانِي: يَقُولُهُ عُلَمَاءُ التَّعْبِيرِ: إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَأْتِي النَّائِمَ فِي صُورَةٍ

1 / 335