293

Iktisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Editor

سليم بن عيد الهلالي

Penerbit

دار ابن عفان

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Lokasi Penerbit

السعودية

الدَّلِيلِ؛ فَإِنَّمَا هُوَ تَوَهُّمِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ؛ كَالْيَدِ إِذَا اسْتُنْطِقَتْ فَإِنَّمَا تَنْطِقُ تَوَهُّمًا لَا حَقِيقَةً؛ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتَ أَنَّهَا يَدُ إِنْسَانٍ لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ إِنْسَانٌ؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ.
فَشَأْنُ الرَّاسِخِينَ تَصَوُّرُ الشَّرِيعَةِ صُورَةً وَاحِدَةً يَخْدِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَأَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ إِذَا صُوِّرَتْ صُورَةً مُتَّحِدَةً.
وَشَأْنُ مُتَّبِعِي الْمُتَشَابِهَاتِ أَخْذُ دَلِيلٍ مَا - أَيِّ دَلِيلٍ كَانَ - عَفْوًا وَأَخْذًا أَوَّلِيًّا، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَا يُعَارِضُهُ مِنْ كُلِّيٍّ أَوْ جُزْئِيٍّ، فَكَأَنَّ الْعُضْوَ الْوَاحِدَ لَا يُعْطَى فِي مَفْهُومِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ حُكْمًا حَقِيقَيًّا، فَمُتَّبِعُهُ مُتَّبِعُ مُتَشَابِهٍ، وَلَا يَتْبَعُهُ إِلَّا مَنْ فِي قَلْبِهِ زَيْغٌ، كَمَا شَهِدَ اللَّهُ بِهِ، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٨٧]؟.
[فَصْلٌ الْأَخْذُ بِالْمُطْلَقَاتِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي مُقَيِّدَاتِهَا]
فَصْلٌ
وَعِنْدَ ذَلِكَ نَقُولُ:
مِنَ اتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهَاتِ الْأَخْذُ بِالْمُطْلَقَاتِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي مُقَيِّدَاتِهَا أَوْ فِي الْعُمُومَاتِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ؛ هَلْ لَهَا مُخَصَّصَاتٌ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ؛ بِأَنْ يَكُونَ النَّصُّ مُقَيَّدًا فَيُطْلَقُ، أَوْ خَاصًّا فَيَعُمُّ بِالرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ سِوَاهُ:
فَإِنَّ هَذَا الْمَسْلَكَ رَمْيٌ فِي عَمَايَةٍ، وَاتِّبَاعٌ لِلْهَوَى فِي الدَّلِيلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُطْلَقَ الْمَنْصُوصَ عَلَى تَقْيِيدِهِ مُشْتَبِهٌ إِذَا لَمْ يُقَيَّدْ، فَإِذَا قُيِّدَ؛ صَارَ وَاضِحًا، كَمَا أَنَّ إِطْلَاقَ الْمُقَيَّدِ رَأْيٌ فِي ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ مُعَارِضٌ لِلنَّصِّ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ.

1 / 312