153

Iktisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Editor

سليم بن عيد الهلالي

Penerbit

دار ابن عفان

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Lokasi Penerbit

السعودية

زَمَانِهِ، مَعَ حُبِّ الدُّنْيَا الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهِ.
قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيِّ: " إِنَّ سُوءَ الْخَاتِمَةِ لَا يَكُونُ لِمَنِ اسْتَقَامَ ظَاهِرُهُ، وَصَلُحَ بَاطِنُهُ، مَا سُمِعَ بِهَذَا قَطُّ، وَلَا عُلِمَ بِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ كَانَ لَهُ فَسَادٌ فِي الْعَقْدِ، أَوْ إِصْرَارٌ عَلَى الْكَبَائِرِ، وَإِقْدَامٌ عَلَى الْعَظَائِمِ، أَوْ لِمَنْ كَانَ مُسْتَقِيمًا ثُمَّ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَخَرَجَ عَنْ سُنَنِهِ، وَأَخَذَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ طَرِيقِهِ، فَيَكُونُ عَمَلُهُ ذَلِكَ سَبَبًا لِسُوءِ خَاتِمَتِهِ وَسُوءِ عَاقِبَتِهِ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ ".
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١].
وَقَدْ سَمِعْتُ بِقِصَّةِ بَلْعَامَ بْنِ بَاعُورَاءَ حَيْثُ آتَاهُ اللَّهُ آيَاتِهِ ﴿فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ. . .﴾ [الأعراف: ١٧٥] إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ.
فَهَذَا ظَاهِرٌ إِذَا اغْتُرَّ بِالْبِدْعَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ مَعْصِيَةٌ، فَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى كَوْنِهَا بِدْعَةً، فَذَلِكَ أَعْظَمُ، لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ مَعَ كَوْنِهِ مُصِرًّا عَلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ، يَزِيدُ عَلَى الْمُصِرِّ بِأَنَّهُ مُعَارِضٌ لِلشَّرِيعَةِ بِعَقْلِهِ، غَيْرُ مُسَلِّمٍ لَهَا فِي تَحْصِيلِ أَمْرِهِ، مُعْتَقِدًا فِي الْمَعْصِيَةِ أَنَّهَا طَاعَةٌ، حَيْثُ حَسَّنَ مَا قَبَّحَهُ الشَّارِعُ، وَفِي الطَّاعَةِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ طَاعَةً إِلَّا بِضَمِيمَةِ نَظَرِهِ فَهُوَ قَدْ قَبَّحَ مَا حَسَّنَهُ الشَّارِعُ، وَمَنْ كَانَ هَكَذَا، فَحَقِيقٌ بِالْقُرْبِ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي جُمْلَةِ مَنْ ذَمَّ: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٩].

1 / 170