وَقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ - مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم: ٣١ - ٣٢].
وَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩].
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
وَقَدْ بَيَّنَ ﵊ أَنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ، وَأَنَّهَا تَحْلِقُ الدِّينَ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الشَّوَاهِدِ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الِافْتِرَاقِ وَالْعَدَاوَةِ عِنْدَ وُقُوعِ الِابْتِدَاعِ.
وَأَوَّلُ شَاهِدٍ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ قِصَّةُ الْخَوَارِجِ، إِذْ عَادَوْا أَهْلَ الْإِسْلَامِ حَتَّى صَارُوا يَقْتُلُونَهُمْ وَيَدَعُونَ الْكُفَّارَ; كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُ [الْحَدِيثُ] الصَّحِيحُ.
ثُمَّ يَلِيهِمْ كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ صَوْلَةٌ مِنْهُمْ بِقُرْبِ الْمُلُوكِ; فَإِنَّهُمْ تَنَاوَلُوا أَهْلَ السُّنَّةِ بِكُلِّ نَكَالٍ وَعَذَابٍ وَقَتْلٍ أَيْضًا، حَسْبَمَا بَيَّنَهُ جَمِيعُ أَهْلِ الْأَخْبَارِ.
ثُمَّ يَلِيهِمْ كُلُّ مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً، فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يُثَبِّطُوا النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ الشَّرِيعَةِ، وَيَذُمُّونَهُمْ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمُ الْأَرْجَاسُ الْأَنْجَاسُ الْمُكِبِّينَ عَلَى الدُّنْيَا، وَيَضَعُونَ عَلَيْهِمْ شَوَاهِدَ الْآيَاتِ فِي ذَمِّ الدُّنْيَا وَذَمِّ الْمُكِبِّينَ عَلَيْهَا: