ورأيتها تتحفز للوثوب من صهوة جوادها، فتقدمت والتقيتها بذراعي ملصقا شفتي بشفتيها، وعلا وجهها الاصفرار، فأطبقت جفونها، فسقط الزمام من يدها وارتمت على الأرض.
وصحت: يا الله! إنها تحبني.
وكانت قد بادلتني قبلتي، فسارعت إلى رفعها عن المرج، ففتحت عينيها ومشى الارتعاش فيها يهزها هزا، فدفعت يدي عنها وانهمرت دموعها، فهبت تطلب الفرار.
وكنت لا أزال واقفا جنب الطريق أنظر إليها وهي أجمل من الضحى، وقد استندت إلى جذع شجرة، وانحل شعرها متساقطا على كتفيها، ويداها ترتجفان، وقد علا الاحمرار وجهها كأنه الأرجوان تلتمع عليه لآلئ الدموع.
وصاحت: لا تقترب مني. لا تتقدم خطوة واحدة نحوي.
فقلت: لا تخافي يا حبيبتي! إذا كنت أسأت إليك فانزلي بي عقابك. لقد تولاني ثائر الألم لحظة؛ فافعلي بي ما تشائين، ولك أن تذهبي الآن، كما لك إرسالي إلى أية جهة تريدين، فأنا أعرف الآن أنك تحبينني يا بريجيت، فأنت في هذا المكان تتمتعين بأمان لا يتمتع به الملوك في قصورهم المنيعة.
ونظرت إلي عندئذ بعينيها الداميتين، فرأيت سعادة الحياة تغمرني، فتقدمت إليها وجثوت أمامها.
وما يحب الحب الجم من بوسعه أن يتذكر الكلمات التي أعلنت بها من يهوى أنها تهواه ...
الفصل العاشر
لو أنني كنت صائغا وأردت أن أقدم عقدا من اللؤلؤ مما اكتنزت، لما كان يبلغ سروري أشده إلا إذا أنا قلدته بيدي للمهدى إليه، ولو كنت أنا من يتقبل الهدية لكنت أفضل الموت على أن أنتزعها انتزاعا من مقدمها.
Halaman tidak diketahui