وتمر الشهور فإذا بالفتاة تقذف إلى الوجود بطفلها، وإذ بشعرها يتساقط وبصدرها يتدلى فوق جسم شوهته التجاعيد.
لقد فقدت هذه المسكينة جمال العاشقات قبل أن تعشق، فهي لا تعرف لماذا حبلت، ولماذا أصبحت أما ...
يقدم الطفل لهذه المرأة ويقال لها: أنت الآن أم، فتجيب قائلة: لست أما. اذهبوا بهذا الطفل إلى مرضع فما في ثديي لبن له.
وهل يدر اللبن صدر مثل هذا الصدر المغتصب؟
ويؤيد الزوج هذا الرأي معلنا أن تعلق الطفل بأمه ينفره منها.
تجلس هذه المرأة على سرير مخاضها الدامي، فيوشى بالأطالس، وتبذل العناية لشفائها من داء أمومتها، وما يمر الشهر حتى تراها تجوب المسارح، وتنتقل من مرقص إلى مرقص، ويرسل الطفل إلى مرضع في إحدى القرى. أما الزوج فيدلج إلى المواخير تحت جنح الظلام.
ويدور بالمرأة عشرات الشباب يتدفق بيانهم بكلمات الحب والإخلاص والوله والعناق الدائم، فتسمع من أفواههم كل ما كان يدور في خلدها، فلا تلبث أن تختار أحدهم لتضمه إلى صدرها، ويندفع هذا المختار إلى تدنيسها، ثم يتحول عنها ليداعب الحظ في مؤسسات القراطيس المالية.
قضي الأمر، فليس لهذه المرأة أن تعود أدراجها، تستخرط في البكاء ليلة، ثم ترى أحداقها حمراء مما ذرفت من دموع، فتتخذ عشيقا آخر تسلو به همها، فيسلمها الثاني إلى ثالث إلى أن تبلغ الثلاثين أو تتجاوزها، فيدب الفساد قاضيا فيها حتى على الاشمئزاز، وتصادف في ليلة من ليالي جموحها يافعا يتدفق الجمال من محياه، وتتدلى طرته السوداء على إشراق جبينه، ترسل عيناه شرارات الحياة، وتخفق في فؤاده الأماني العذاب، فترى فيه جمال شبابها، وتتذكر ما تحملت من شقاء، فتسارع إلى تلقين هذا الفتى ما تلقنته هي من الحياة، فتقضي عليه بألا يحب طوال عمره.
هذه هي المرأة كما أردناها، وما عشيقاتنا إلا من هذا الطراز، ولكننا نمضي معهن أطيب الأوقات. فإذا كنت ذا حزم ولك ثقة برجولتك، فاتبع ما أشير به عليك، استسلم بلا وجل لتيار الحياة، تمتع ببنات الحانات والمواخير، وبسيدات البيوت والقصور. كن ثابتا ومتقلبا، كن حزينا ومرحا في وقت واحد، ولا تبال أخدعتك المرأة أم حفظت عهدك، ما دمت واثقا من أنها أولتك حبها.
إذا كنت رجلا عاديا لا مزية لك، فكن محترسا في اختيارك ، وعلى كل لا تضع نصب عينيك أية صفة من الصفات التي تتمنى وجودها في عشيقاتك.
Halaman tidak diketahui