Pengakuan: Sebuah Kisah Jiwa
الاعتراف: وهو قصة نفس
Genre-genre
ما أحقر حياة الفرد من البشر في هذا الوجود الذي ليس له حد ولا نهاية! انظر إلى هذه الأرض التي تحملنا، أليست هي فلكا صغيرا من أفلاك كثيرة لا تعد ولا تحصى؟ وهذا النظام الشمسي، أليس هو جزءا صغيرا من الوجود؟ أليس هو نظاما واحدا من أنظمة فلكية كثيرة؟
إني كلما فكرت في ذلك أحسست ضآلة الإنسان وحقارته، فيصغر الناس في عيني حتى يصيروا في حجم النمل أو أقل. فهب أن نملة تشكت وقع الأقدام، أليس ذلك مثل تشكي الإنسان ظلم الأقدار وامتعاضه منها؟ وماذا يهم الكون أنه يتألم ويشقى؟ ألسنا نهزأ ونسخر من شكاية النمل؟ وكأني بروح الوجود تهزأ بشكايتنا، وكأني بقوى الوجود تسخر منا. كلما فكرت في ذلك تملكني اليأس والملل، وصغر عندي كل عظيم جليل من الناس، أو من أمور الحياة، أو من العلوم والآراء والآداب، وأرى أن الحياة عبث، وأنها فكاهة غثة، فأود لو أريح نفسي من الاهتمام بما تستلزمه من الأشياء الحقيرة، والأعمال الحقيرة، والمساعي الحقيرة، والقيام والقعود، والكلام والسكوت، والنوم واليقظة، واليأس والأمل. فقد تمر بي ساعات أمقت فيها هذه الأشياء كلها، وغيرها من أمور الحياة مقتا شديدا. وسبب ذلك كله أني أحس الحياة إحساسا شديدا وأحس الأبد؛ فتصغر لدي الحياة. وأحس الأطماع الكبيرة؛ فأحتقر لها الحياة. وأرى أن المرء ينبغي أن يسعى وراء المطلب الأجل الأكبر؛ فأجد كل مطالب الحياة صغيرة حقيرة. هذه تعاسة كل من فكر فيما شابه الأبد من عظيم الآمال والمطالب والأعمال والمساعي.
وقد تمر بي ساعات، أحسب فيها أن رأسي مثل خلايا النحل، وأحس لذع الآراء والخواطر، وأحس كأني أحمل بذور الشقاء في صدري، وأن له شجرات مرة الثمرات، تنبت في القلب، وكأني أحس نموها فيه. وأحس كأن الشقاء كلب يعدو ورائي؛ فأتحفز للعدو هربا منه، وأتلفت ورائي لأرى مسافة ما بيني وبينه.
هب أن للوجود روحا تسعى به إلى الخير، أليس سعيها إلى الخير أبطأ من سعي السلحفاة؟ فإن هذه الروح تسير بالكون إلى الخير من الأزل إلى الأبد.
بقاء النوع وتعاسة الفرد
ما أتعس الإنسان! إنه يمضي أكثر أوقاته في السعي وراء قوته، وحاجات عيشه، ويضطر في هذا السعي إلى إذلال قلبه، وقد لا يحصل على تلك الحاجات وما تستلزمه المعيشة. فإن أكثر الناس يعيش عيشة البهائم، يعمل طول نهاره لأجل لقيمات يسد بها سغبه. أليس هو في ذلك مثل الحمار الذي يتعب طول النهار فيكون نصيبه من الحياة قليلا من البرسيم؟ وما نتيجة هذه المساعي وهذا الاحتيال وراء المكسب، وهذا الشقاء وهذه الدناءة؟ هل نتيجة ذلك حفظ حياة النوع البشري؟ وماذا يهمني ويهم كل فرد مثلي من حياة النوع، إذا كنا تعساء؟ أليس الناس ما عاشوا عبيد الشقاء والتعاسة؟
ما يدريني؟! لعل أصدق الناس نظرا هم الفلاسفة القدماء الذين قالوا بقتل الشعور والعواطف، ومحاكاة الإنسان الجماد في فقدان الشعور! قد تكون شدة الإحساس من لوازم الشعر، ولكن إذا كانت نتيجته تعاسة صاحبه، فلا خير في الشعر. وما يدريني؟! ربما كان الشاعر التعيس خيرا من المتسول البليد السعيد، لقد جاء في المثل: إله تعيس خير من حمار سعيد. وما يدريني؟! لعل الحمار السعيد خير من الإله التعيس!
هذا من الهراء في الصميم، أليس من غرور الإنسان أنه يشتكي محاكاته سائر الحيوانات، وأنه يمضي أكثر وقته في طلب ما تستلزمه المعيشة من القوت؟ ومن هو الإنسان حتى يشتكي ذلك؟ أليس هو حيوانا مثل سائر بني جنسه من الحيوانات؟
لا تقل: إن سعادة كل الأفراد لا تستقيم. ولا تقل: إنه ينبغي للمرء تحمل شرور الحياة من أجل حفظ حياة النوع، فهذه حجة يستخدمها الأغنياء المنعمون والسعداء؛ من أجل إخضاع الفقراء والتعساء، والبله والأغبياء، والجهلاء والمجانين. وإنما سعادة الأفراد فكرة كبيرة يتم تحقيقها إذا جن بها عدد كبير من الناس. ولكن الذي يجعل تحقيقها بعيدا أن الجماهير من الناس يعيشون في جهل مثل ظلام الليل، ويتبعون خطة مطروقة وسبيلا ممهدا، ويخشون الجديد من الآراء، ويجبنون عن تحقيقه. ولكن الذين قاموا بالنهضات الكبيرة وجعلوا آراءهم حقائق ووقائع مقضية، هم الذين قابلهم الجماهير في أول الأمر بالأذى، ورموهم بالجنون. وهم كما زعم الناس مجانين؛ لأنهم أغرموا بالأفكار البعيدة الجليلة. وقد يندم هؤلاء المجانين على عاقبة جنونهم، ولكنهم مسوقون إلى ذلك الجنون مكرهون عليه. وكل رأي كبير لا بد أن يؤدي إلى نهضة كبيرة بين الناس، وأن يكون له أثر باق إذا جن به عدد عظيم من الناس، هكذا قامت الأديان والنهضات الكبيرة العلمية والاجتماعية.
وفي قديم الزمان، كان الطاغية إذا أراد أن يلهي قومه عن طغيانه وظلمه أوقعهم في حرب مع قوم آخرين يريد طاغيتهم أيضا أن يلهيهم عن ظلمه وطغيانه؛ فعمت الحروب. وكان الطاغية يفعل ذلك سواء كان عارفا ما يحبب إليه الحرب أو كان غير عارفه، فإن المرء قد يكون مدفوعا إلى الشيء بدافع من نفسه لا يعرفه تمام العرفان، ولا يفهمه تمام الفهم. ويعين الطاغية على عزمه ما أودع في الناس من التذاذ القسوة، فإن كل امرئ له نصيب من القوة يلتذه.
Halaman tidak diketahui