Pengakuan: Sebuah Kisah Jiwa
الاعتراف: وهو قصة نفس
Genre-genre
الغرور
إني إذا قلت كلمة أو فعلت فعلا يبعث سخر الناس؛ أعاني من توبيخ الضمير من أجله أكثر مما أعاني إذا أتيت جريمة، فإن المرء مهما عظم احتقاره الناس يتألم من سخر الناس أكثر مما يتألم لهم إذا أصابهم بسوء، فليس الذي يصيبه بشر أعز عليه من نفسه حتى يتألم له. ولو كان تألم المرء إذا أتى جريمة لمن وقعت عليه الجريمة، لما تألم كثير من الناس من جرائمهم. وإنما تألم المرء إذا أتى جريمة أن إتيانها يفسد أعصابه، مثل إدمان الزنى أو إدمان معاقرة الخمر، فهذا التألم ناشئ من تأثير الجريمة في أعصابه ونفسه.
فإذا سخر الناس من رجل من أجل كلمة قالها، أو فعل فعله؛ عانى هذا الرجل من ضميره تأنيبا على ما قال أو فعل، لا سيما إذا كان كثير الإحساس. فإن المرء ليس عنده شيء أعز عليه من نفسه، فإعجاب المرء بنفسه أعز عليه من فضائله ومن رذائله - وبعض الرذائل عزيز - ومن حسناته ومن سيئاته. فإعجاب كل امرئ بنفسه جزء من حياته، لا تستقيم الحياة إلا به، والناس أشباه سواسية في هذا الإعجاب، سواء الأمير وسائق الحمير، فإن كل الناس مغرور، ولكن على حسب طبائعهم تختلف أنواع غرورهم. والغرور من أسباب سوء الظن، فإن من كان مغرورا خشي أن يهينه أو يؤلمه الناس، وهذا الخوف قد يزداد بالمرء حتى يجعل إحساسه مثل جلد اللديغ الذي إذا احتك به الحرير آلمه.
وما يدريني! ربما كانت معائب الإنسان في الإنسان مثل الملح في الطعام، أليس غرور الناس من التوابل التي تسيغ بها الناس؟ ولا أنكر أن التوابل والأملاح إذا أكثرت منها أتلفت عليك الطعام. وكذلك الغرور، إذا أكثرت منه لم تسغك الناس، ولكن هذا الإكثار لا يقلل من فضل التوابل ولا من مزايا الغرور. والغرور شيء يصح أن تصرف به الضمائر، فتقول: أنا مغرور، وأنت مغرور ... إلى آخر ما ذكر النحويون من الضمائر.
استعرض على خيالك جماعة من الناس ليس عندهم شيء من الغرور، إنك لتكلف نفسك شططا؛ لأن المرء إذا لم يكن فيه نوع من الغرور؛ فإنما سبب ذلك أن فيه نوعا آخر من أنواعه. فالضاحك مغرور، والباكي مغرور، والفقير مثل الغني مغرور بما يجده في العيش من اللذات والآلام، فهو في ذلك مثل الغني حذوك النعل بالنعل، لا يختلفان إلا بمقدار ما تختلف القدم اليمنى والقدم اليسرى، والجواد مغرور بماله مثل البخيل، والغبي مغرور بعقله مثل غرور صاحب الذكاء بذكائه، وصاحب التقوى مغرور بتقواه، مثل غرور صاحب العهر بعهره.
الخوف والعي
إن الرجل الذي يخشى إيلام الناس إياه مثل النبات الذي لا يعيش إلا في بيوت الزجاج. فإن خوف المرء أن يؤلمه مؤلم، يضعف عزيمته، ويمنعه من العمل والسعي إلى ما فيه منفعته، ويعوده البأس من الناس، ويورثه العي، ويغطي على فصاحته، ويلبسه ثوب الغباوة، فيخفي ذكاءه؛ خشية أن يكون في كل قول يقوله، أو عمل يعمله ما يبعث إهانة الناس إياه، أو سخرهم به. ومن أجل ذلك تقف الكلمة في حلقه؛ خشية أن يصيبه من جراها ما يؤلمه، فيتردد في إخراجها، فيكون كالأخرس إذا حاول الكلام، فتسقط الفرص من يديه كما يسقط الماء من ثقوب الغربال.
ومن أجل هذه الصفة التي أعالجها وأعانيها، صار من لا يعرفني إذا سألني سؤالا وترددت في إجابته ولم أحسن الكلام، يحكم علي بالعي والغباء. ولو تفرس في وجهي في تلك الساعة، وكان أكثر الناس معرفة بالفراسة؛ لقال: هذا ملك الأغبياء؛ والسبب في ذلك أن كل عصبي المزاج مهيج العواطف تختلف هيئات وجهه حسب ما في نفسه وذهنه. وقد لاحظت ذلك بالنظر إلى أوجه الناس، فإن الوجه يختلف حسب أطوار النفس وأحوالها، حتى كأن للمرء أوجها كثيرة، ومن أجل ذلك تختلف صور الرجل العصبي الفوتوغرافية، حسبما يجيش في صدره من العواطف.
إني في خلوتي بنفسي أعد الكلام البليغ والحجج الراجحة، والكلمات البليغة ، وأتخيل محادثات تجري بيني وبين الناس، تكون كل كلمة من كلماتي فيها آية من آيات البلاغة. ولكني إذا لقيت هؤلاء وحادثتهم لم أجد في كلامي هذه الآيات البينات، ثم إذا خلوت بنفسي بعد ذلك أقول: كان ينبغي أن أقول لهم كذا وكذا، فينطلق لساني بالكلام الفصيح البليغ. ولكن أي مزية في أن يكون المرء عييا في المجالس، فصيحا في الخلوات؟! وهذا سبب من أسباب انفرادي ووحدتي، ويرى الناس سكوتي ووحدتي فيحسبون حياتي هادئة مطمئنة، وتغرهم مظاهر سكوتي كما يغر مجاور البركان الذي لا يعرف متى يثور مظاهر سكوته وخموده. فإن سكون المرء يخفي عواطف نفسه، إلا ما بدا للناس منها في عينه وأسرة وجهه، ويحسب الناس أني سعيد وما أنا بسعيد.
إن العواطف سبب شقاء الناس وعظمتهم، وسبب سعادتهم وتعاستهم، وسبب مصائبهم ومحامدهم، وهي سبب لذاتهم وآلامهم. إنها تملأ الحياة نارا، ولكنها أيضا تملأ الحياة نورا، فما أقبح الحياة، والحياة وابزدها وأغثها لولا جمال العواطف! وما أجمل العواطف لولا مصائبها وآلامها! آه يا صديقي، أبعد تمرسي بالحياة والنظر فيها، تطلب مني أن أؤمن بها وبما للناس فيها؟! ولو كان ذلك موكولا إلي لآمنت بها، ولكن للنفس أطوارا وأحوالا يستحيل فيها الإيمان بالحياة.
Halaman tidak diketahui