Ictilal Qulub
اعتلال القلوب
Penyiasat
حمدي الدمرداش
Penerbit
مكتبة نزار مصطفى الباز
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Lokasi Penerbit
مكة المكرمة
٨٤٤ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نُمَيْرُ بْنُ فِجَافٍ الْهِلَالِيُّ قَالَ: كَانَ فِينَا فَتًى يُقَالُ لَهُ: بِشْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِالْأَسِيرِ، وَكَانَ سَيِّدَ فِتْيَانِ بَنِي هِلَالٍ، وَأَحْسَنَهُمْ وَجْهًا، وَأَسْخَاهُمْ نَفْسًا، وَكَانَ مُعْجَبًا بِجَارِيَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانَتْ تُدْعَى جِيدًا، وَكَانَتْ بَارِعَةَ الْجَمَالِ، فَلَمَّا عَلَا أَمْرُهُ وَأَمْرُهَا، وَظَهَرَ خَبَرُهُ وَخَبَرُهَا، وَقَعَ الشَّرُّ بَيْنَ أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا حَتَّى وَقَعَتْ فِيهِمُ الدِّمَاءُ قَالَ نُمَيْرٌ: فَلَمَّا طَالَ عَلَى الْأَسِيرِ الْبَلَاءُ جَاءَنِي يَوْمًا فَقَالَ لِي: يَا نُمَيْرُ، هَلْ عِنْدَكَ خَبَرٌ؟ قُلْتُ: عِنْدِي، فَقُلْ مَا أَحْبَبْتَ. قَالَ: تُسَاعِدُنِي عَلَى زِيَارَةِ جِيدٍ، فَقَدْ أَذَابَ الشَّوْقُ رُوحِي، وَنَغَّصَ عَلَيَّ حَيَاتِي. قُلْتُ: نَعَمْ، بِالْحُبِّ وَالْكَرَامَةِ، فَانْهَضْ إِذَا شِئْتَ. فَرَكِبَ وَرَكِبْتُ مَعَهُ، فَسِرْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا وَالْغَدَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْعِشَاءُ أَنَخْنَا رِحَالَنَا فِي شِعْبٍ خَفِيٍّ وَقَعَدْنَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ: يَا نُمَيْرُ: اذْهَبْ فَتَأَّنَسْ بِالنَّاسِ، وَاذْكُرْ إِنْ لَقِيتَ أَحَدًا أَنَّكَ طَالِبُ ضَالَّةٍ، وَلَا تُعَرِّضْ بِذِكْرِي بَيْنَ شَفَةٍ وَلِسَانٍ إِلَّا أَنْ تَلْقَى فُلَانَةَ جَارِيَتَهَا رَاعِيَةَ ضَأْنِهِمْ، فَأَقْرِئْهَا مِنِّي السَّلَامَ وَسَلْهَا عَنِ الْخَبَرِ، وَأَعْلِمْهَا مَوْضِعِي. قَالَ: فَخَرَجْتُ لَا أَعْدُو مَا أَمَرَنِي بِهِ حَتَّى لَقِيتُ الْجَارِيَةَ، فَأَبْلَغْتُهَا الرِّسَالَةَ، وَأَعْلَمْتُهَا مَكَانَهُ، وَسَأَلْتُهَا عَنِ الْخَبَرِ، قَالَتْ: هِيَ وَاللَّهِ مُشَدَّدٌ عَلَيْهَا، مُتَحَفَّظٌ بِهَا عَلَى ذَلِكَ، فَمَوْعِدُكُمْ أُولَئِكَ الشَّجَرَاتُ اللَّوَاتِي عِنْدَ أَقْعَابِ الْبُيُوتِ مَعَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ. قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى صَاحِبِي فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، ثُمَّ نَهَضْتُ أَنَا وَهُوَ نَقُودُ رَوَاحِلَنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْمَوْعِدَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي وَعَدَتْنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى إِذَا جِيدٌ تَمْشِي، فَدَنَتْ مِنَّا، وَوَثَبَ الْأَسِيرُ فَصَافَحَهَا وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، وَوَثَبْتُ مُوَلِّيًا عَنْهُمَا، فَقَالَا: نُقْسِمُ عَلَيْكَ إِلَّا رَجَعْتَ، فَوَاللَّهِ مَا نَحْنُ فِي مَكْرُوهٍ، وَلَا بَيْنَنَا قَبِيحٌ نَخْلُو بِهِ دُونَكَ، فَانْصَرَفْتُ رَاجِعًا إِلَيْهِمَا حَتَّى جَلَسْتُ مَعَهُمَا، فَقَالَ لَهَا الْأَسِيرُ: مَا فِيكِ حِيلَةٌ يَا جِيدُ نَتَعَلَّلُ اللَّيْلَةَ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ مَا لِي إِلَى ذَلِكَ مِنْ سَبِيلٍ، إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الَّذِي تَعْلَمُ مِنَ الْبَلَاءِ وَالشَّرِّ. فَقَالَ لَهَا: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ وَقَعَتِ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ ⦗٤٠٥⦘. قَالَتْ: فَهَلْ فِي صَاحِبِكَ هَذَا مِنْ خَيْرٍ؟ قُلْتُ: قُولِي مَا بَدَا لَكِ؛ فَإِنِّي أَنْتَهِي إِلَى رَأْيِكِ، وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ ذَهَابُ نَفْسِي. فَخَلَعَتْ ثِيَابَهَا فَلَبِسْتُهَا، وَخَلَعْتُ ثِيَابِي فَلَبِسَتْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: اذْهَبْ إِلَى بَيْتِي، فَادْخُلْ فِي سِتْرِي، فَإِنَّ زَوْجِي سَيَأْتِيكَ فَيَطْلُبُ مِنْكَ الْقَدَحَ يَحْلُبُ فِيهِ، ثُمَّ يَأْتِيكَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْحَلْبِ بِالْقَدَحِ مَلْآنَ لَبَنًا فَيَقُولُ: هَاكِ غَبُوقَكِ، فَلَا تَأْخُذْهُ مِنْهُ حَتَّى تُطِيلَ نُكْرَكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خُذْهُ أَوْ دَعْهُ حَتَّى يَضَعَهُ، ثُمَّ لَسْتَ تَرَاهُ حَتَّى يُصْبِحَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: فَذَهَبْتُ وَفَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ بِالْقَدَحِ لِآخُذَهُ، فَلَمْ آخُذْهُ حَتَّى طَالَ نُكْرِي عَلَيْهِ، ثُمَّ أَهْوَيْتُ لِآخُذَهُ وَهَوَى لِيَضَعَهُ فَاخْتَلَفَتْ يَدِي وَيَدُهُ، فَانْكَفَأَ الْقَدَحُ وَانْدَفَقَ مَا فِيهِ مِنَ اللَّبَنِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الطَّمَّاحَ جَدَا. وَضَرَبَ بِيَدِهِ مُقَدَّمَ الْبَيْتِ فَاسْتَخْرَجَ سَوْطًا مَلْوِيًّا مِثْلَ الثُّعْبَانِ، ثُمَّ دَخَلَ فَهَتَكَ السِّتْرَ وَقَبَضَ عَلَيَّ، وَأَمْتَعَ السَّوْطَ مِنِّي، فَضَرَبَنِي تَمَامَ عِشْرِينَ أَنْ زَادَتْ قَلِيلًا أَوْ نَقَصْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ جَاءَتْ أُمُّهُ وَأُخْتُهُ فَانْتَزَعَانِي مِنْ يَدِهِ، وَلَا وَاللَّهِ فَعَلَ بِي ذَلِكَ حَتَّى زَايَلَنِي عَقْلِي وَهَمَمْتُ أَنْ أَجِيئَهُ بِالسِّكِّينِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْمَوْتُ، فَلَمَّا خَرَجُوا سَدَدْتُ سِتْرِي وَقَعَدْتُ كَمَا كُنْتُ، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى أُمُّ جِيدٍ دَخَلَتْ عَلَيَّ فَكَلَّمَتْنِي وَهِيَ تَحْسَبُنِي ابْنَتَهَا، وَانْبَعَثْتُ فِي الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَتَغَطَّيْتُ بِثَوْبِي وَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةِ، اتَّقِي اللَّهَ فِي نَفْسِكِ، وَلَا تَعَرَّضِي لِمَكْرُوهِ زَوْجِكِ، فَذَلِكَ أَوْلَى بِكِ، فَأَمَّا الْأَسِيرُ فَلَكِ آخِرَ الدَّهْرِ، وَخَرَجَتْ مِنْ عِنْدِي وَقَالَتْ: سَأُرْسِلُ إِلَيْكِ بِأُخْتِكِ تُؤْنِسِكِ اللَّيْلَةَ. فَلَبِثْتُ غَيْرَ مَا كَثِيرٍ فَإِذَا الْجَارِيَةُ قَدْ جَاءَتْ وَجَعَلَتْ تَبْكِي وَتَدْعُو عَلَى مَنْ ضَرَبَنِي، وَجَعَلْتُ لَا أُكَلِّمُهَا، ثُمَّ اضَّجَعَتْ إِلَى جَنْبِي، فَلَمَّا اسْتَمَكَنْتُ مِنْهَا شَدَدْتُ يَدِي عَلَى فَمِهَا وَقُلْتُ: يَا هَذِهِ، تِلْكَ أُخْتُكِ مِنَ الْأَسِيرِ، وَقَدْ قُطِعَ ظَهْرِي بِسَبَبِهَا اللَّيْلَةَ، وَأَنْتِ أَوْلَى بِالسِّتْرِ عَلَيْهَا، فَاخْتَارِي لِنَفْسِكِ وَلَهَا، فَوَاللَّهِ إِنْ تَكَلَّمْتِ بِكَلِمَةٍ لَأُصْبِحَنَّ أَنَا بِجُهْدِي حَتَّى تَكُونَ الْفَضِيحَةُ شَامِلَةً. ثُمَّ رَفَعْتُ عَنْ فِيهَا فَاهْتَزَّتْ كَمَا تَهْتَزُّ الْقَصَبَةُ مِنَ الْفَرَقِ، فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى آنَسَتْ، فَبَاتَتْ وَاللَّهِ مَعِي أَصْلَحَ ⦗٤٠٦⦘ رَفِيقٍ رَفَقْتُهُ قَطُّ، فَلَمْ تَزَلْ تَتَحَدَّثُ وَتَضْحَكُ مِنِّي، وَمَاءَلَنِي وَتَمَكَّنْتُ مِنْهَا تَمَكُّنَ مَنْ لَوْ رَامَ مِنْهَا رِيبَةً قَدَرَ عَلَيْهَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَصَمَ، فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، ثُمَّ إِذَا جِيدٌ تَدْخُلُ عَلَيْنَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَلَمَّا رَأَتْنَا ارْتَاعَتْ لِذَلِكَ وَقَالَتْ: وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟ قُلْتُ: أُخْتُكِ. قَالَتْ: وَمَا السَّبَبُ؟ قُلْتُ: هِيَ تُخْبِرُكِ؛ فَإِنَّهَا لَعَمْرُ اللَّهِ عَالِمَةٌ. وَأَخَذْتُ ثِيَابِي وَمَضَيْتُ إِلَى صَاحِبِي، فَرَكِبْتُ أَنَا وَهُوَ، وَحَدَّثْتُهُ مَا أَصَابَنِي، وَكَشَفْتُ لَهُ عَنْ ظَهْرِي، وَإِذَا فِيهِ مَا غَرَسَ اللَّهُ ﷿ مِنْ ضَرْبَةٍ إِلَى جَنْبِ أُخْرَى، كُلُّ ضَرْبَةٍ يَخْرُجُ مِنْهَا الدَّمُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: لَقَدْ عَظُمَتْ صَنِيعَتُكَ، وَوَجَبَ شُكْرُكَ، وَخَاطَرْتَ بِنَفْسِكَ، فَلَا أَحْرَمَنِي اللَّهُ مُكَافَأَتَكَ
2 / 404