243

* محمد بن سلامة، قال: قال الحسن: قدم علينا بشر بن مروان وهو أبيض بض، أخو خليفة وابن خليفة، ومتولي على العراق فأتيت بابه زائرا مسلما، فسأل عني الحاجب؟ فقلت: أنا الحسن البصري. فقال: الفقيه؟ فقلت: نعم. قال: أدخل إلى الأمير، وإياك في إدمان النظر إليه، وإن سألك عن شيء فاحذفه حذفا في الجواب، ولا يكونن كلامك إلا جوابا وتحوز في المجلس إلا أن يحبسك. فقلت: جزاك الله خيرا ، فدخلت على بشر وهو على سرير عليه فرش قد كاد يغوص فيها؛ فسلمت فقال: من أنت أعرفك؟ فقلت: الحسن البصري. فقال: أفقيه هذه المدرة؟ فقلت: نعم أيها الأمير. قال: ما تقول في زكاة أموالنا ندفعها إلى الفقراء أم إلى السلطان؟ قلت: أي ذلك فعلت أجزى عنك، فرفع رأسه إلى الذي على رأسه فقال: لشيء ما يسود من يسود ،ثم أومأ بيده أن اجلس فجلست إلى الذي على رأسه فجعل يخالسني النظر ويختطفه إذا رميته بطرفي أمال بصره عني وإذا خفضت عيني أبدى بصره فتحوزت في المجلس وقمت، ثم عدت فإذا هو في صحن مجلسه، والأطباء حوله فقلت: ما للأمير؟ قالوا: محموم. ثم عدت وإذا بنائحة تنعي وإذا الدواب قد جزت نواصيها وقد توفي ومات فدفن في جانب الصحراء فجاء الفرزدق فوقف على قبره فقال:

أعيني ألا تسعداني بالبكاء .... فما بعد بشر من عزاء ولا صبر

ألم تر أن الأرض دكت جبالها .... وأن نجوم الليل بعدك لا تسري

سيأتي أمير المؤمنين مصابه .... وينمى إلى عبدالعزيز إلى مصر

وقد كان حيات البلاد يخفنه .... وحيات ما بين المدينة والقهر

فما بقي أحد على القبر إلا شهق باكيا، وانصرفت عن قبره وصليت في جانب الصحراء ما قدر لي، ورجعت إلى قبره وقد أوتي بعبد أسود يحمله أربعة فدفن إلى جانب قبره، فوالله ما فصلت بين القبرين حتى قلت: أيهما قبر بشر بن مروان؟

Halaman 275