* يحيى بن معاذ فيما ناجى به ربه: إلهي،كأني بنفسي قد اضطجعت في حفرتها، وانصرف المشيعون من جيرتها، وبكى كل غريب لغربتها، ودمع عليها المشفقون من عشيرتها، وناداها من شفير القبر ذوو مودتها، ورحمها المعادي عند صرعتها، ولم يخف على الناظر عجز حيلتها، فقلت: ملائكتي فريد قد نأى عنه الأقربون، ووحيد قد جفاه الأهلون، أصبح مني قريبا، وفي القبر غريبا، وكان في الدنيا مجيبا وداعيا، ولنظري له في هذا البيت الفظيع راجيا، فيحسن هناك ضيافتي ويكون اشفق علي من قرابتي.
* مصنفه: القبور كندوح أعمال بني آدم فلا يغرنك ظواهرها، فإنما في الدواخل فواقرها، ولا يغرنك استواؤها فما أشد التواءها، ولا سكونها فما أكثر حزونها، فكم فيها من غانم، وكم فيها من نادم، وكم فيها من خلي مسرور، وكم فيها من شجي مأسور، فانظر رحمك الله من أين تجيب الله فيما دعاك، فإن أجبته فوق الأرض نجوت، وإن أجبته تحت الأرض هلكت.
* حاتم الأصم: من لم يدع لنفسه ولا لأهل القبور إذا مر بهم فقد خان نفسه وخانهم.
* وكان عطاء السلمي: إذا جن عليه الليل خرج إلى المقبرة فوقف ثم يقول: يا أهل القبور، متم وآموتاه، عاينتم أعمالكم فوا عملاه. ثم يقول: غدا عطاء في القبر. فلم يزل ذلك دأبه حتى يصبح.
* ابن عباس: أرحم ما يكون الرب بعبده إذا دخل قبره وتفرق عنه الناس وأهله.
* وكان يزيد الرقاشي يقول: الأيام ثلاثة: يومك الذي ولدت فيه، ويوم نزولك في قبرك، ويوم خروجك من قبرك. فياله من يوم قصير يخلفه يومان طويلان إن شئت أن تنظر إلى الدنيا بما فيها من ذهبها وفضتها، وزخارفها ، فشيع جنازة ثم احمل ترابا فانظر فيه، فهي الدنيا بما فيها، أما إني لست آمرك أن تحمل تربته بل آمرك أن تحمل فكرته.
* شقيق: القبر من أكثر ذكره وجده روضة من رياض الجنة، ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النيران.
Halaman 256