218

أخبرنا أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، حدثنا أبو عبد الله المفسر يعرف بغلام رهان، حدثنا أبو حاتم السجستاني، حدثنا عبد الله بن حرب،حدثنا خلاد بن يزيد الباهلي، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه تبع جنازة فلما دفنت وقف في المقابر، فقال: يا أهل الغربة والبلى، وأهل التربة والكربة، أما أموالكم فقد قسمت، وأما نسائكم فقد نكحت، ومساكنكم فقد سكنت، هذا خبر ما عندنا فماذا خبر ما عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه، فقال: والذي نفسي بيده لو أذن لهم بالنطق لقالوا: وجدنا خير الزاد التقوى.

* مصنفه: الجنازة مركب الآخرة، وصاحبها محبوس ليلحق به أشياعها، ومرتهن ليشاركه اتباعها، عجبا!! لهم كيف يذهلونه؟ وقد عاينوأ اسرته، وغربته، وحسرته، وحفرته، ووحدته، ووحشته، وضيق مضجعه، وذلة مرجعه، وظلمة موضعه، وسوء حاله، وسؤاله هيهات هيهات ما أغفل الأحياء عما حل بالأموات، فكأنك يا مطول على سرير المنايا محمول، وإلى دار البلاء عن قريب منقول، وبعد ذلك موقوف مسئول الآن.الآن.أيها المفتون بنعيم دار، فصاحبه غدار، ومطالبه عرار، إما بفادح فوت، أو بكادح موت، سرورها غرور، ولذتها شرور، وسلامتها بمرصد الغير والحدثان، وسطوة التقلب وعتو الزمان ، روحها كدر، وأنسها شرر، ومرورها عبر، تؤذن كل وقت بمزاحمة الحمام، ومراجعة الإنتقام، ومغافصة يد البأس، فما أنت فيه بالإيناس، وأنت متماد هائم في غيك، ومتعلق بغيك، الجمك عن غي الهوى وشقاء المنى، تمسي وتصبح لهيا غفولا عما خلقت، وعما أمرت، وعما نهيت، وإلى ما دعيت، فكأنك مهمل سدى، وممرح لا يرعى، يرضيك بنعمته، وتسخطه بمعصيته، تحبب إليك بإحسانه، وتتبغض إليه بعصيانه، أما تستحي من طول ما لا تستحي والسلام.

* أبو العباس بن مرزوق، قال:حضرت جنازة حضرها محمود الوراق فلما دفن أنشد محمود لنفسه:

Halaman 250