وحكي عن حاجب محمد بن عبد الملك الزيات قال: لما انصرف إبراهيم ابن العباس معزولًا عن الأهواز، وقف بباب عبد الملك يطلب الإذن، فاستأذنت له ثلاث مرات، فلم يأذن، فخرجت إليه فقلت: يا أبا إسحق قد حملت نفسي على سوء الأدب بأن كررت الاستئذان على الوزير فلم يأذن! فسألني إيصال رقعة إليه، فقلت: هاتها، فثنى رجله على سرجه وكتب: من كان واحدك إذ جعلت لنفسك واحدًا، وواحدي إذ خفت من زماني نبوة؟ أما والله لو أمنتك لقلت، ولكني أخاف منك عتبًا لا تنصفني فيه، وأخشى من نفسي لائمةً لا تحتملها لي، وما قدر فقد كان ويكون وكائن، وعن كل حادثة أُحدوثة، وما أقول إني تبدلت بحالة كنت بها مغتبطًا حالةً أنا في مكروهها، بل أقول إني قهرت، فلما فزعت إلى ناصري، وجدت من ظلمني أخف نيةً في ممن استنصرت به، وأحمد الله كثيرًا وأشكره! وكتب في آخر الرقعة:
وكنت أخي بإخاء الزمان ... فلما نبا صرت حربًا عوانا
وكنت إليك أذم الزمان ... فأصبحت فيك أذمّ الزمانا