وقال الكسائي: إن قوله «يتربصن» جرى خبرًا عن الاسم الذي تقدم في صلة الموصول، لأن الغرض من الكلام: أن يتربصن هن. وأنشد الفراء:
لعلى إن مالت بي الريح ميلة ... على ابن أبي الذبان أن يتندما
فأخبر عن ابن أبي الذبان، الذي تعلق بقوله: «إن مالت بي الريح» فقال: أن يتندما.
ولا حجة له في البيت، لأنه قد عاد من جملة الكلام إلى ياء المتكلم ضمير، وهو قوله «إن مالت بي الريح» فبطل حجته بالبيت. وصح قول أبي الحسن وقول أبي العباس، ومن ذلك قوله تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) «١» .
قال سيبويه: قال الله ﷿: (فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ) «٢» فارتفع لأنه لم يخبر عن الملكين أنهما قالا: فلا تكفر فيتعلموا لنجعل قولهما «لا تكفر» سببًا للتعلم، ولكنه قال «فيتعلمون» أي فهم يتعلمون «٣» .
ومثله: (كُنْ فَيَكُونُ) «٤» كأنه قال: إنما أمرنا ذاك فيكون، أي: فهو يكون.
قال أبو علي: تقدير قولك: لا تقرب الأسد فيأكلك، هاهنا غير سائغ.
ألا ترى أن كفر من نهى عن أن يكفر في الآية ليس سببًا لتعلم من يتعلم ما يفرق به بين المرء وزوجه وذلك أن الضمير الذي في قوله (فَيَتَعَلَّمُونَ) لا يخلو من أحد أمرين:
(١، ٢) البقرة: ١٠٢.
(٣) في الأصل: «فيتعلمون» .
(٤) النحل: ٤٠.