وَالْبَلَدُ الْمَفَازَةُ.
قَالَ الرَّاعِي (^١):
تَأْبَى قُضَاعَةُ أَنْ تَعْرِفَ لَكُمْ نَسَبًا … وَابْنَا نِزَارٍ فأنتُمْ بَيْضَةُ البَلَدِ
فَقَوْلُهُ: فَأَنْتُمْ بَيْضَةُ الْبَلَدِ. أَي: أَنَّهُمْ لَا يُعْرَفُونَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ وَالِدٌ، كَمَا لَا يُعْرَفُ بَيْضُ النَّعَامَةِ الَّتِي أَهْمَلَتْ فِي الْمَفَازَةِ. وَهَذِهِ الْبَيْضَةُ تُسَمَّى "التَّرِيكَةُ" وَالتَّرِيكَةُ هِيَ الْمَتْرُوكَةُ، وَجَمْعُهَا تَرَائِكُ.
قَالَ الْأَعْشَى (^٢):
وَيَهْمَاءَ قَفْرٍ تَائِهِ العِيرِ وَسْطَهَا … وَيُلْقَى بِهَا البَيْضُ الحِسَانُ تَرَائِكَا) (^٣)
وَكَالمِصْرِيِّ (^٤) صَاحِبِ كتَابِ "الدَّوْلَتَيْنِ" الْمُسَمَّى "زَهْرَةُ الْعُيُونِ وَجَلَاءُ الْقُلُوبِ" (^٥) فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ:
"إِنَّهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ دَالٌّ عَلَى مَعَالِي الْأُمُورِ، وَمُرْشِدٌ لِكَرَائِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَفْعَالِ، وَزَاجِرٌ عَنِ الدَّنَاءَةِ وَالْقُبْحِ، وَبَاعِثٌ عَلَى صَوَابِ التَّدْبِيرِ، وَحُسْنِ التَّقْدِيرِ، وَرِفْقِ السِّيَاسَةِ، يَكُونُ لِلَأَدِيبِ تَبْصِرَةً، وَلِلْعَالِمِ الْأَرِيبِ (^٦) تَذْكِرَةً، وَلِسَائِرِ النَّاسِ مُؤَدِّبًا، وَلِلْمُلُوكِ اسْتِرَاحَةً، تُعْمَرُ بِهِ الْمَجَالِسُ فِي الْجَدِّ وَالْهَزْلِ، وَتَتَّضِحُ (^٧) بِأَمْثَالِهِ