الْحُلْوِ النَّافِعِ الْمُنِيفِ، الَّذِي قِدَمًا اعْتَدْتُهُ فِي رَيْعَانِ الشَّبَابِ، وَاعْتَمَدْتُهُ فِي التَّوَصُّلِ إِلَى الصَّوَابِ، وَمُكَافَأَةً لِأَهْلِ بَلْخَ حَسْبَ الطَّاقَةِ، وَجُهْدُ الْمُقِلِّ لِإحْسَانِهِمْ عِنْدَ نُزُولِي عَلَيْهِمْ، وَتَعَصُّبًا لِعُلَمَاءِ الْمِلَّةِ (^١) وَأُمَنَاءِ الأُمَّةِ، حَيْثُ يَدْرُسُ جُلُّ أَخْبَارِهِمْ، بَلْ تُعْدَمُ أَسْمَاؤُهُمْ وَشَرِيفُ آثَارِهِمْ.
وَأَنَّهُ اسْتَمَدَّ فِيهِ مِنْ كُتُبٍ ذَكَرَهَا، وَمِنْ مَشَايِخِ عَصْرِهِ وَفُضَلَائِهِمْ وَأَقْطَابِهِمْ مِمَّنْ عَلِمَهَا وَخَبَرَهَا، وَعَيَّنَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَأَنَّهُ ذِكْرُ الْفُتْيَانِ وَالشُبَّانِ؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا صِغَارَ قَوْمٍ فَعَسَى أَنْ يَكُونُوا كِبَارَ قَوْمٍ آخَرِينَ.
وَبَادَرَ إِلَى تَأْلِيفِهِ خَوْفًا مِنْ طُرُوءِ الْمَوَانِعِ (^٢) وَشَفَقًا عَلَى العِلْمِ مِنَ الدُّرُوسِ وَالدُّثُورِ بِوَفَاةِ الحَمَلَةِ المُتَوَجِّهِينَ لِجَمْعِ (^٣) الجَوَامِعِ.
وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ: "انْظُرُوا مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَاكْتُبُوهُ؛ فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ" (^٤).
فِإِذَا خَافُوا هُمْ (^٥) ذَلِكَ، وَالإِسْلَامُ غَضٌّ رَطِيبٌ (^٦)، وَالْجِدُّ فِيهِ عَجِيبٌ، وَالزَّمَانُ مُنْجِبٌ وَنَجِيبٌ، أَفَلَا يُخَافُ فِي زَمَانِنَا! وَقَدْ تَقَهْقَرَ (^٧) في جِدِّنا وَأَنْبَائِنَا! (^٨)