Ibrahim Thani
إبراهيم الثاني
Genre-genre
قالت: «بل اشكر إبراهيم، هو الذى فتح لى عينى.. أو علمنى حبك.. لا أدرى».
قال: «ما أغربه».
ولم يزد.
10
وأما الأستاذ إبراهيم.
دخل كالصاروخ، وكانت تحية تنتظره، وفى يدها كومة من ورق اللعب تلقيه متجاورا على المنضدة فى صفوف متتالية، وتتبين حظها من تقارب ورقات معينة، أو تباعدها، فابتسمت له ابتسامة السرور والترحيب بأوبته وتوقعا لسخره مما هى فيه. ولكنه مضى إلى باب غرفة المكتب وقال وهو يهم بالدخول: «لا تدخلى على حتى أدعوك. وسأدعوك».
ورأت صرامة نظرته وتجهم وجهه، فتحجرت الأبتسامة - لم تغض بل صارت رسما تنقصه الألوان والمعنى - ولم يكن هذا عهدها به إلا حين يكربه هم ثقيل. فقلقت، وارتدت عينها إلى الورقات المتجاورة فنحتها بكلتا يديها، واتكأت بكوعها على المنضدة وأسندت رأسها إلى كفها، وراحت تنتظر قضاء الحظ فيها.
وارتمى إبراهيم على كرسى وهو يقول لنفسه: «إن الأمر جاوز الحد. هذا الجار الذى انشقت عنه الأرض اليوم، وأقبل بتعقبنا، من يدرينى أنه ليس هناك غيره، يرى، ويتتبع، ويستخبر، ويروح يلغط؟ وإذا ألح الرجال على ميمى بالمطاردة فما عسى أن تكون العقبى؟ وتحية؟ تحية التى رددت إلى محياها البشر والتطلق، هل أعود فأعذبها هذا العذاب الغليظ الذى لم أرحها منه إلا بمشقة؟»
وخطر له أن يرجئ البت فى هذه الأمور الإشكال إلى الغد، فإن اليوم هو يوم النحس الثالث عشر.. ثم عاد يقولى: «كلام فارغ.. الأمر أكبر من ذلك وأنا هنا الساعة لأراجع نفسى وأحاسبها وأستقر على رأى لا تردد بعده. وماذا تقول تحية إذا خرجت إليها متحيرا بعد أن وقع فى روعها من كلامى ولهجتى وهيئتى أنى مزمع أمرا له ما بعده؟»
واضطجع وشرع فى الحساب. وخيل إليه، وقد استغرقه ذلك، أن نفسه تتمثل له جالسة قبالته، مضطجعة مثله، وإحدى ساقيها ملتفة بالأخرى. وكبر هذا فى وهمه حتى لقد هم أن يقدم لها سيجارة.
Halaman tidak diketahui