Ibrahim Abu Anbiya
إبراهيم أبو الأنبياء
Genre-genre
والفرق بين النبي وبين الكاهن في جوهر العمل أوسع جدا من الفرق بينهما في التعيين والاختيار، فالكاهن موكل بالشعائر والمراسم والأشكال، يحرص عليها ويأبى أن يشاركه أحد فيها.
ولكن النبي تعنيه روح الدين وحقيقته في الضمير قبل هذه الشعائر والمراسم والأشكال.
سريرة الإنسان هي وجهة النبي وغايته من التبشير والإنذار، وأما الكاهن فوجهته نظام المجتمع وتقاليد الدولة وما إليها من الظواهر أو الواجبات العامة.
ولم تخل الديانات الكبرى من أحبار معينين يوجبون على الناس الاستقامة، ويحذرونهم غضب الإله على الذين ينحرفون عن سبيلها.
ولكن الإله هنا أشبه برئيس الديوان الذي يجري الأحكام وفقا للمأثور من نظام الدولة، والكاهن أشبه بمندوبه وأمين سره في المحاسبة على الشريعة: كلها مسألة نظام ومجتمع، وكلها مراسم وتقاليد.
أما النبي فالعالم الذي يصوره لنا أسرة حية، والإله قائم على ذلك العالم لأنه على صلة قريبة بكل من فيه من خلقه، وكل كائن من تلك الخلائق رهين
2
برضاه وغضبه، وذو شأن في دعوة الدين مقدم على شأن المجتمع والدولة، وأهمه وأصدقه ما كان في الضمائر والنيات.
والنبي ذو شأن حي في دعوته يلعج نفسه ولا يريحه دون أن يبرئ منه ذمته، وليس كذلك جماعة الكهان الذين لهم محل مستقر، وعمل راتب، وعلاقة بالناس كعلاقة المصالح والأشغال.
وهنا أيضا نرجع إلى «القبيلة»، ولا سيما القبيلة في حالة الشعور بالخطر كائنا ما كان، فضلا عن الخطر الأبدي الذي يحيق بالحياة وما بعد الحياة.
Halaman tidak diketahui