11
وذلك لأن الله فطر قلوب الناس والملوك والأمراء على طاعته والانقياد له في أغلب الأمر؛ لأن تأثيره عليهم كان قويا عظيما، فقد كان إيمانه بالله وبما يقول مددا ضخما لقوة تأثيره، كما كان لتكوينه الجسمي والعقلي ما يجعله مهيبا مسموع الكلمة.
فقد ذكر الذين رأوه ووصفوه أنه كان قوالا بالحق نهاء عن المنكر، ذا سطوة وإقدام وعدم مداراة، كما كان أبيض شديد سواد الرأس واللحية قليل الشيب، شعره إلى شحمتي أذنيه، عيناه لسانان ناطقان، ربعة بين الرجال، جهوري الصوت، فصيح اللسان، مع فرط ذكاء، وسيلان ذهن.
كل هذا، وما إليه من سائر خلاله وصفاته العقلية والخلقية جعل لكلامه ومواقفه التأثير القوي والعاقبة الطيبة، حتى نصر الله به الجيش، وأعز به الإسلام والمسلمين.
كفاحه الظلم
ننتقل بعد ذلك إلى مواقفه المحمودة القوية ضد الظلم والظالمين، وضد البدع والمنكرات وأصحابها والمتشيعين لها، وقد فطره الله تعالى على ما علمنا من الجهر بالحق لا يخاف فيه لومة لائم، كما كان شديدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل الجاد لإزالته.
كان لشيخ الإسلام من الإيمان والشجاعة والتأسي برسول الله وصحابته، ومن الأخلاق الرفيعة القوية، ما يجعله لا ينام على ظلم ولا ينيم الظالم مهما يكن بأسه شديدا؛ وذلك لما رواه سيدنا أبو بكر أنه سمع الرسول
صلى الله عليه وسلم
يقول: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه.»
كما كان له من ذلك كله ما يجعله لا يرى الوقوف على إنكار المنكر بلسانه، فإن هذا هو أضعف الإيمان كما جاء في الحديث، بل هو يعمل بقوة لإنكاره باللسان ثم باليد إن لزم الأمر.
Halaman tidak diketahui