9 «شيخنا وشيخ الإسلام، وفريد العصر علما ومعرفة، وشجاعة وذكاء، وتنويرا إلهيا، وكرما ونصحا للأمة، وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.
سمع الحديث وأكثر بنفسه من طلبه، وكتب وخرج، ونظر في الرجال والطبقات، وحصل ما لم يحصله غيره، وبرع في تفسير القرآن، وغاص في دقيق معانيه ... واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها، وبرع في الحديث وحفظه، فقل من يحفظ ما يحفظه من الحديث معزوا إلى أصوله وصحابته ...
وفاق الناس في معرفة الفقه، واختلاف المذاهب، وفتاوى الصحابة والتابعين، بحيث إذا أفتى لم يلتزم بمذهب، بل يقول بما دليله عنده.
وأتقن العربية أصولا وفروعا، وتدليلا واختلافا، ونظر في العقليات (نعتقد أنه يريد بصفة خاصة الفلسفة وعلومها)، وعرف آراء المتكلمين ورد عليهم ونبه على خطئهم وحذر منهم.
ونصر السنة بأوضح حجج وأبهر براهين، وأوذي في ذات الله من المخالفين، وأخيف في نشر السنة المحضة، حتى أعلى الله مناره، وجمع قلوب أهل التقوى على محبته والدعاء له، وكبت أعداءه وهدى به رجالا من أهل الملل والنحل.
وجبل قلوب الملوك والأمراء على الانقياد له غالبا وعلى طاعته، وأحيا به الله الشام بل والإسلام، بعد أن كاد ينثلم لما أقبل حزب التتر والبغي في خيلائهم ...
ومحاسنه كثيرة، وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أني ما رأيت بعيني مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه.»
ويذكره الشيخ فتح الدين بن سيد الناس، أحد الحفاظ المعروفين، فيقول في كلام طويل: «كاد يستوعب السنن والآثار حفظا، إذا تكلم في التفسير فهو حامل رايته، أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه وروايته، أو حاضر بالنحل والملل لم تر أوسع من نحلته في ذلك ولا أرفع من درايته.
برز في كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه ...» إلى آخر ما قال.
10
Halaman tidak diketahui