وليس له أن يقدم رجلا لأنه طلب الولاية، أو لأنه سبق غيره في طلبها، بل إن طلبه أحرى أن يكون سببا لمنعه ما طلب، فقد جاء في الصحيحين أن قوما دخلوا على الرسول
صلى الله عليه وسلم
فسألوه ولاية، فقال: «إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه.» وقال لعبد الرحمن بن سمرة: «يا عبد الرحمن، لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها.»
وقد يعدل ولي الأمر فيتبع هدي الله ورسوله، ويولي كل ولاية الأحق بها والأصلح لها، وقد يجور فيعدل عن الأحق الأصلح لضغن عليه في قلبه، ويولي غير الأصلح؛ لأنه من ذوي قرابته أو لصلة صداقة مثلا بينهما، أو لرشوة أخذها منه، أو لأي سبب آخر.
ولي الأمر هذا، يكون مضيعا للأمانة التي بين يديه، وخائنا لله ولرسوله وللمؤمنين، وداخلا فيما نهى الله عنه بقوله:
يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون .
3
والحكم أمانة في يد ولي الأمر، وكذلك كل الولايات التي تتبعه، وفي هذا يقول الشيخ الأكبر: «وقد دلت سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
على أن الولاية أمانة يجب أداؤها، في مواضع مثل ما تقدم، ومثل قوله لأبي ذر رضي الله عنه في الإمارة: «إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها» رواه مسلم.
Halaman tidak diketahui