وكذلك الترتيب قد يخيل في الشيء أنه أعظم وهو عكس هذا.
ولما كانت الأشياء الأعسر وجودا في نفسها، والأقل وجودا يظن بها أنها أفضل، كانت الأشياء الكثيرة الوجود في نفسها والسهلة الوجود قد ترى عظيمة في المواضع التي يقل وجودها، أو في الأزمنة التي يقل وجودها فيها أيضا، أو في الأسنان من الناس التي يقل وجودها فيها.
وحد الأشياء التي يتعمد بها المدح أنها التي إذا فعلت بجهل أو بغلط لم تمدح أصلا، والتي يتعمد بها الحقيقة هي الأشياء التي كيفما فعلت فقد حصلت على التمام ؛ ولذلك كان حسن قبول الشيء الجميل آثر من فعل الشيء الجميل.
إلى أن يقول:
وأما بعد هذا فنحن قائلون في النقيصة والفضيلة والجميل والقبيح؛ لأن هذه هي التي يمدح بها ويذم، ومن أجل أنه يعرض كثيرا أن يمدح الناس والروحانيون (أي: الأرواح العليا) بالفضيلة وبأشياء غير الفضيلة، وليس يعرض هذا في مدح هؤلاء فقط، بل وفي مدح الأشياء المتنفسة وغير المتنفسة.
والجميل هو الذي يختار من أجل نفسه، وهو ممدوح وخير ولذيذ من جهة أنه خير.
والفضيلة هي ملكة مقدرة لكل فعل هو خير من جهة ذلك التقدير أو يظن به أنه خير.
وأما أجزاء الفضيلة؛ فالبر أي العدل العام، والشجاعة، والمروءة، والعفة، وكبر الهمة، والحلم، والسخاء، واللب، والحكمة، وسائر الأشياء التي يمدح بها مما عدا الفضيلة، فليس يعسر الوقوف عليها.
وفعل الأشياء التي هي خيرات على الإطلاق كذلك مما يمدح به، ولذلك كان التعصب للأشياء التي تكسب المجد، والمحاماة عنها قد تجعل المتعصب لها والمحامي عنها من أهل الفضائل التي لا تحصل للإنسان إلا بمجاهدة كبيرة للطبيعة، مثل العفاف والشجاعة وغيرهما. والإنعام على الغير إذا لم يستفد المنعم منه شيئا هو مما يمدح به.
ومن الشرف ألا يحتاج الإنسان إلى آخرين، بل يكون مكتفيا بنفسه، وقد ينبغي أن نأخذ في المدح والذم الأمور القريبة من الفضائل والنقائص، وهي النقائص التي قد توجد عنها أفعال الفضيلة، أو الفضائل التي قد توجد عنها النقائص. ومثال النقائص التي توجد عنها أفعال الفضائل فتوهم أنها فضائل، العي
Halaman tidak diketahui