150

Ibn Rumi: Hidupnya dari Puisinya

ابن الرومي: حياته من شعره

Genre-genre

وأبرع ما يكون سخره كما ترى إذا هو شبه لك صورة محسوسة، أو خلق لك من خياله صورة معنوية، فإنه يحكم التشبيه، ويحكم خلق الصورة فيضحك بالمقابلة بين الشيء وشبيهه، ويضحك بما تتخيله من المنظر الغريب حين يعمد إلى خلق الشكول المعنوية؛ كصورة الأحدب مثلا، أو كصورة الرجل «المستعمل المقافد» الذي يضرب في كل مكان صالح منه للضرب، فيصلع لقفده في موضع شعره، ويقصر لكثرة الطرق على رأسه، ويعور لضربه على عينه، وحركة الأبيات نفسها حين تتلى على عجل كحركة الصفعات ما تني نازلة صاعدة كما أنبأ عنها في تلك الأبيات.

أو كصورة الرجل الذي لا نفع له إلا أن يصلب؛ لأنه بذاك يظهر أحسن ما فيه، وهو عرضه وطوله، أو كصورة المغني الذي تتراءى عيناه الجاحظتان كعيني الضفدع «الهرم» في لجة يكرر النظر ويغني وفمه في الماء!

وكان فضلا عن هذا لا تفوته من الأغراض فائتة في اللفظ ولا في المعنى ولا في التصوير: ألق بالك مثلا إلى كلمة «جيدها» في هذا البيت:

فإذا غنت بدا في جيدها

كل عرق مثل بيت الأرضة

فلو أن ساخرا غير مطبوع على السخر أراد هذا المعنى لاختار كلمة غير «جيدها» للمبالغة في التقبيح والتشويه، ولكنك تنظر فترى أصلح الكلمات في هذا الموضع هي الكلمة التي توهمك الحسن، وتحضر لك المناقضة التامة بين الوهم والصورة المشهودة، فيستوي طرفا النكتة، ويبدو لنا الفرق المضحك بين الجيد وبيت الأرضة، كما نضحك من الفرق الذي يبدو لنا إذا وقف القزم إلى جانب العملاق.

وتأمل كلمة «طحان» في هذا البيت:

وتحسب العين فكيه إذا اختلفا

عند التنغم فكي بغل طحان

فليس تمام القافية وحدها بهذه الكلمة، بل الصورة المعنوية هي التي تمت بها أحسن تمام؛ لأن السخر لن يستوفى في هذا التشبيه إلا إذا تمثلنا في موقف الغناء الممتع بغلا من بغال الطحانين العجاف الجياع يتنغم ويستكبر بأنغامه استكبار هامان، ولو كان بغلا من البغال الفارهة المترفة لنقصت الصورة، وفترت فيها قوة السخر وقوة التشبيه، وقس على ذلك «الشيخ» آدم، أو قس عليه سائر الأبيات والصور.

Halaman tidak diketahui