Ibn Muqaffac: Pemimpin Sastra (Bagian Kedua)
ابن المقفع: أئمة الأدب (الجزء الثاني)
Genre-genre
ثم لما فتح العرب بلاد فارس ودان الفرس بالإسلام بقيت الفارسية مستعملة في دواوين الحكومة هناك إلى أيام عبد الملك بن مروان إذ أمر بنقلها إلى العربية، فلما حلت العربية محل الفارسية لم يجد العرب غضاضة في اقتباس بعض مناهج الكتابة الديوانية عن الفرس، فلقد روي عن عبد الحميد بن يحيى كاتب بني أمية أنه استعان بالأوضاع الفارسية لما شرع معالم الكتابة العربية. قال أبو هلال العسكري في كتاب الصناعتين: «من عرف ترتيب المعاني واستعمال الألفاظ على وجوهها بلغة من اللغات، ثم انتقل إلى لغة أخرى تهيأ له فيها من صنعة الكلام ما تهيأ له في الأولى، ألا ترى أن عبد الحميد الكاتب استخرج أمثلة الكتابة التي رسمها لمن بعده من اللسان الفارسي فحولها إلى اللسان العربي؟»
ولكن نقل الدواوين من الفارسية إلى العربية لم يجعل القوم يتناسون لغتهم، بل ظلت حية فيما بينهم مع تعلمهم للغة العربية، وكان لهم شأن في الأدب وأمور الحكومة أيام بني أمية، قال سليمان بن عبد الملك: «العجب لهذه الأعاجم كان الملك فيهم فلم يحتاجوا إلينا، فلما ولينا لم نستغن عنهم.» وقال أيضا: «ألا تتعجبون من هذه الأعاجم؟ احتجنا إليهم في كل شيء حتى في تعلم لغاتنا منهم.»
ومن علمائهم الذين اشتغلوا باللغة والأدب في أيام بني أمية عنبسة الفيل أحد أصحاب أبي الأسود الدؤلي، وأبو داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، توفي في أيام هشام بن عبد الملك، وحماد الراوية الذي كان بنو أمية يستزيرونه من الكوفة ليحدثهم بأيام العرب وينشدهم أشعارها، وحماد عجرد الذي نادم الوليد بن يزيد، وأبو العباس الأعمى واسمه السائب بن فروخ أحد شعراء بني أمية، وزياد الأعجم الشاعر المتوفى سنة 100.
هذا إلى ما لهم من الأثر البين في الغناء العربي والموسيقى العربية في القرن الأول، فإن الغناء العربي ما زال ساذجا حتى ظهر بالمدينة نشيط الفارسي وطويس وسائب خاثر، فسمعوا شعر العرب ولحنوه وأجادوا فيه.
ولا محل هنا للإسهاب بذكر من اشتركوا في تدوين العلوم الإسلامية من الفرس، كالقراءات والحديث والفقه وما يتفرع عنها؛ لأن عددهم عظيم جدا حتى قال ابن خلدون: «من الغريب الواقع أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم.»
وقد شرعت مقالاتهم وآراؤهم في الدين تنتشر رويدا رويدا منذ أيام بني أمية، حتى إنها دبت لبعض الخلفاء، فالجعد بن درهم مولى سويد بن غفلة كان صاحب رأي أخذ به جماعة بالجزيرة، ويروى أنه كان يرى رأي المنانية فاستهوى مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية؛ لأنه كان مؤدبه؛ ولذلك رمي مروان بالزندقة.
قال ابن أبي ليلى: قال لي عيسى بن موسى - وكان ديانا شديد العصبية - من كان فقيه البصرة؟ قلت: الحسن بن أبي الحسن. قال: ثم من؟ قلت: محمد بن سيرين. قال: فما هما؟ قلت: موليان. قال: فمن كان فقيه مكة؟ قلت: عطاء بن أبي رباح ومجاهد وسعيد بن جبير وسليمان بن يسار. قال: فما هؤلاء؟ قلت: موالي. قال: فمن فقهاء المدينة؟ قلت: زيد بن أسلم ومحمد بن المنكدر ونافع بن أبي نجيح. قال: فما هؤلاء؟ قلت: موالي. فتغير لونه ثم قال: فمن أفقه أهل قباء؟ قلت: ربيعة الرأي وابن أبي الزناد. قال: فما كانا؟ قلت: من الموالي. فاربد وجهه ثم قال: فمن كان فقيه اليمن؟ قلت: طاوس وابنه وابن منبه. قال: فما هؤلاء؟ قلت: من الموالي. فانتفخت أوداجه وانتصب قاعدا، وقال: فمن كان فقيه خراسان؟ قلت: عطاء بن عبد الله الخراساني. قال: فما كان عطاء هذا؟ قلت: مولى. فازداد وجهه تربدا واسود اسودادا حتى خفته، ثم قال: فمن كان فقيه الشام؟ قلت: مكحول. قال: فمن هذا؟ قلت: مولى. فتنفس الصعداء، ثم قال: فمن كان فقيه الكوفة؟ فوالله لولا خوفه لقلت: الحكم بن عتيبة وعمار بن أبي سليمان، ولكن رأيت فيه الشر، فقلت: إبراهيم والشعبي. قال: فما كانا؟ قلت: عربيان. قال: الله أكبر، وسكن جأشه.
كان ذلك والعرب لم تتفرق كلمتهم بعد ولم تنطفي جمرتهم، فلما أديل من بني أمية لبني العباس بمعونة الفرس عظم شأنهم وطغى نفوذهم، وبعث كثير من عاداتهم وأعيادهم، واتخذت ألبستهم ومآكلهم في قصر الخلافة، وأصبح الوزراء والقواد منهم، وربما كان ديوان الوزارة وضعا من أوضاع الفرس في الدولة العباسية؛ لأن بني أمية لم يتخذوا وزراء.
هذا من حيث القوة، أما من حيث الأدب فقد ترجمت طائفة من كتب أدبهم وحكمتهم وشاعت أخبار ملوكهم وحكمائهم حتى اندمجت فيما بعد مع أخبار خلفاء العرب، خذ مثلا كتاب التاج للجاحظ واقرأ فصلا من فصوله تجد كيف ينقل أخبار الأكاسرة والخلفاء كأنهم من عنصر واحد، وهكذا قل عن بقية كتب الأدب، فإنها تضم كثيرا من آداب الفرس وحكمتهم، وظهر منهم كتاب وشعراء ومترجمون نبغوا في العربية نبوغا لا يزال موضع الإعجاب، كابن المقفع الذي عقدت هذه الفصول لأجله وبشار بن برد ومروان بن أبي حفصة، وبرزوا في كل علم من علوم اللغة والأدب، وكذلك في العلوم الإسلامية كافة، ولو لم يخرج منهم إلا الإمام أبو حنيفة الذي ما زالت أتباعه أكثر من أتباع كل إمام لكفى، وهناك آراء ومذاهب ومقالات في الدين قام بها الفرس تنحرف عن سماحة الإسلام بمقاييس مختلفة، ما عدا الزندقة التي كان الفرس سبب إدخالها على المسلمين، والمانوية التي اتهم بها عدد من المشاهير في صدر الدولة العباسية حتى اضطر المهدي لتتبع الزنادقة والبطش بهم.
أما التصوف فقد لاقى من نفوس الفرس منزلا رحبا؛ لأنهم ذوو نفوس حساسة وخيال واسع، فأثمر في أفكار متصوفتهم أحسن الثمرات، ولولا نبوغ بعض العرب في هذا الطريق لغلب على الظن أن الصوفية وليدة الروح الفارسية.
Halaman tidak diketahui