99

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Penerbit

دار الفكر العربي

Lokasi Penerbit

القاهرة

خلفاء الأمويين عرباً خالصاً قد قربوا الشعراء وأدنوا الأدباء والعلماء، وكان منهم من يقول الشعر، ويكتب النثر الفني في أجود عبارة، وأجمل إشارة، بل قليل من أولئك الأمراء من لم يكن كذلك.

ولما جاء ملوك الطوائف، وكان كثيرون منهم من أتباع الأمويين نهجوا على ذلك المنهاج، فكان منهم الكتاب والشعراء، وكذلك كان وزراؤهم يتصلون بهم فنهض الأدب والعلم في عصرهم واتسعت آفاق الفكر، وكثر الإنتاج الأدبي والعلمي، حتى كانت الأندلس روضة من العلم والأدب، فلم يضعف العلم بضعف السياسة ولم يأفل نجم العلماء كما أفل نجم السياسيين.

١٢٠ - هذا إجمال للحياة العلمية في العصر الذي أظل ابن حزم وإنه من الحق علينا أن نخص ولا نعم، فإن الفضل في تلك الروح العلمية التي أظلت الأندلس يرجع إلى عبد الرحمن الناصر الذي تولى نحو خمسين سنة تبتدئ من سنة ٣٠٠ إلى سنة ٣٥٠ هـ، وهو الذي تلقب بأمير المؤمنين لما ضعف شأن الخلفاء السياسيين، ثم كان أكثره يرجع إلى والده الحكم الذي تولى من بعده، فكان انصراف الحكم إلى العلم يشبه انصراف المأمون إليه فأحضر العلماء من المشرق، وأنشأ المكاتب، وأحضر الكتب التي ظهرت في المشرق، وإنا ننقل لك عبارة المقري في شأنه فقد قال:

(كان محباً للعلوم مكرماً لأهلها، جماعاً للكتب في أنواعها بما لم يجمعه أحد من الملوك قبله، قال أبو محمد بن حزم أخبرني تليد الحَظي، وكان على خزانة العلوم والكتب بدار بني مروان أن عدد الفهارس التي فيها تسمية الكتب أربع وأربعون فهرسة، وفي كل فهرسة عشرون ورقة ليس فيها إلا ذكر أسماء الدواوين لا غير، وأقام للعلم والعلماء سوقاً نافقة، جلبت إليه بضائعه من كل قطر).

قال أبو محمد بن خلدون (كان يبعث في شراء الكتب إلى كل الأقطار رجالاً من التجار، ويرسل إليهم الأموال لشرائها حتى جلب منها إلى الأندلس ما لم يعهدوه. وبعث في كتاب الأغاني إلى مصنفه أبي الفرج الأصفهاني

99