69

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Penerbit

دار الفكر العربي

Lokasi Penerbit

القاهرة

العلماء، بل قابل الفريقين بقلب مخلص، ولسان عضب. وقلم كاشف للحقائق، وكان ذلك العالم العظيم مخلصاً للناس لم ينافق أحداً، ولم يحاول أن يخدع أحداً ولا يعارض أحداً إلا بحق:

٨١ - ولقد كان لفرط إخلاصه يباعد بين نفسه، وبين العجب بها. والاغترار بما وصل إليه من علم. وكان يعتبر العجب آفة الإخلاص. وآفة الرأي، وآفة الأخلاق الفاضلة، ويدعو كل امرئ إلى تقدير خطئه قبل تقدير صوابه. فإن ذلك يدفعه إلى التطامن. والتطامن للحق سبيل الإخلاص في طلبه. فهو يقول: إن أعجبت بآرائك فتفكر في سقطاتك، وفي كل رأي قدرته صواباً فخرج بخلاف تقديرك وأصاب غيرك وأخطأت أنت فإنك إن فعلت ذلك فأقل أحوالك أن يوازن سقوط رأيك صوابه. فتخرج لا لك ولا عليك. والأغلب أن خطأك أكثر من صوابك وهكذا كل أحد من الناس بعد النبيين(١).

وإنه ليعتبر الإخلاص شعار الحكماء الذين يستمسكون بالفضيلة ويطلبون حقائق الأشياء. ويقرر أن عامة الناس لا يسلمون إلا إذا أخلصوا وظهر إخلاصهم. وعرفت سلامة الجانب منهم. ولذا يقول: احرص على أن توصف بسلامة الجانب وتحفظ من أن توصف بالدهاء فيكثر المتحفظون منك. حتى ربما أضر ذلك بك. وربما قتلك(٢).

وهكذا تجد ذلك العالم المجرب يخلص في طلب الحق. ويخلص في دين الله. ويخلص للناس. فلا ينافق. ولا يخادع ويرى أن الإخلاص يؤدي إلى الحق. وإلى الثقة واطمئنان الناس، ويؤدي إلى السلامة. والله في عون المخلصين.

والإخلاص نور الحكمة وطريق الهداية. ولا يصل إلى الهدى من لم يزرع الله قلبه بنور الإخلاص. ولقد وصف الله سبحانه وتعالى بعض النبيين

(١) مداواة النفوس ص ٥٠

(٢) الرسالة المذكورة ص ٦٤

69