25

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Penerbit

دار الفكر العربي

Lokasi Penerbit

القاهرة

وإن ذلك هو الذى تختاره بمقتضى هذه الروايات المتواترة، أما ما أثاره ابن حيان فلا إثبات له، فلا يلتفت إليه، ولا سبيل لتكذيب ابن حزم فيما ذكره هو عن أسرته، ولا قول لأحد فيها، ولا يشتهر ابن حزم في قومه بالكذب، وقد كان يصك خصومه صك الجندل، فرموه بطول اللسان وحدة القول، ولم يرموه بالكذب، ولقد كان أخص صفاته الوفاء، والوفاء والكذب نقيضان لا يجتمعان. وما كان مثل ابن حزم في حاجة إلى ادعاء نسب يزدهى به، وقد ازدهى بحليتين هما العلم والجاه بين الناس، فلا مطمع له في هذا الباب.

نشأته

٢٥ - نشأ ابن حزم في بيت عز ومال وجاه عريض، وكان يعتز ببيته، ويعتز بأنه طلب العلم لا يبغى منه مالا ولا جاهاً، بل يبغى به النور، ويروى في هذا أنه تناظر مع الباجي شارح الموطأ، فقال الباجي: «أنا أعظم منك همة في طلب العلم، لأنك طلبته وأنت معان عليه، فتسهر بمشكاة الذهب، وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت السوق»، فقال له ابن حزم: هذا الكلام عليك لا لك، لأنك إنما طلبت العلم وأنت في هذه الحال رجاء تبديلها بمثل حالي، وأنا طلبته في حال ما تعلمه وما ذكرته، فلم أرج به إلا علو القدر العلمي في الدنيا والآخرة»(١).

نشأ ابن حزم ربيب النعمة فاستحفظ القرآن، ويقول إنه حفظه في بيته حفظه إياه النساء من الجواري والقريبات، وإنه ليذكر ذلك في كتابه «طوق الحمامة» فيقول:

«لقد شاهدت النساء، وعلمت أن من أسرارهن مالا يكاد يعلمه غيري لأنى ربيت في حجورهن، ونشأت بين أيديهن ولم أعرف غيرهن، ولا جالست الرجال إلا وأنا في حد الشباب، وحين تفيل(٢) وجهي، وهن علمني القرآن، ورويتني كثيراً من الأشعار، ودربني في الخط، ولم يكن

(١) نفح الطيب المقري = ٦ ص ٢٠٢ طبع فريد الرفاعي.
(٢) تفيل معناها زاد أي كبر وجهه وتم نموه.

25