Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
Penerbit
دار الفكر العربي
Lokasi Penerbit
القاهرة
ولقد كان المأمون يعد نفسه منهم، وناصرهم واتخذ منهم الوزراء والكتاب وأنصار دولته، والملتفين حوله، وحذا حذوه من بعده المعتصم والواثق، ولذلك آذى الثلاثة أحمد بن حنبل ليحملوه على القول بخلق القرآن فاستعصم وامتنع عن القول، وإن لم يقل أنه قديم كما ادعى عليه.
ولما جاء المتوكل رفع الأذى عن أحمد، واضطهد المعتزلة، ثم تعاقبت العصور وليس للمعتزلة شأن عند الجماعة، وإن كان لهم شأن عند الشيعة فالاثنا عشرية كما قرر ابن أبي الحديد يأخذون بآرائهم في العقائد.
الأشاعرة والماتريدية:
١٦٤ - لقد اشتد طغيان المعتزلة باسم بعض الخلفاء العباسيين، ولم يتركوا فقيهاً معروفاً، أو محدثاً مشهوراً، أو إماماً متبعاً إلا أنزلوا به محنة في رأيه أو فكره، حتى نسي الناس خيرهم بجوار ذلك البلاء العام الذي لم ينج منه سواهم ومن نهج نهجهم. فنسوا دفاعهم عن الإسلام بجوار إيذائهم لأئمة الإسلام، ولما جاء المتوكل وأبعدهم عن حظيرته، وأدنى خصومهم خفت شوكتهم، وتحرك لمنازلتهم العلماء والفقهاء، وجادلوهم بلسان غضب، ومن ورائهم العامة يؤيدونهم.
١٦٥ - وقد ظهر في آخر القرن الثالث، وأول القرن الرابع رجلان امتازا بصدق النظر وقوة الحجة وكثرة الأتباع، أحدهما أبو منصور الماتريدي، وثانيهما أبو الحسن الأشعري، وكلاهما كان يدعو إلى ما يقرره الفقهاء والمحدثون.
وقد ولد أبو منصور الماتريدي بقرية (ماتريد) من أعمال سمرقند، وتفقه على مذهب أبي حنيفة، ونبغ حتى رجع الناس إليه فيما وراء النهر يأخذون عنه الفقه وأصوله، وسائر علوم الدين، وألف في الأصول كتاب الجدل، وفي الفقه كتاب مآخذ الشريعة، ثم ذاعت شهرته في علم الكلام، حتى صار له فيه مذهب يسلكه أهل خراسان يقارب مذهب الأشعري الذي سنبينه، وقد ذكر الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في تعليقاته على العقائد
130