Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
Penerbit
دار الفكر العربي
Lokasi Penerbit
القاهرة
وكان من آثار اعتمادهم على العقل في معرفة حقائق الأشياء وإدراك العقائد أنهم يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً، وكانوا يقولون كما جاء في الملل والنحل للشهرستاني: ((المعارف كلها معقولة بالعقل، واجبة بنظر العقل، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع، والحسن والقبح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح)) وقد قال الجبائي وهو من شيوخهم: ((كل معصية كان يجوز أن يأمر الله سبحانه بها فهي قبيحة للنهي، وكل معصية ما كان يجوز أن يبيحها الله سبحانه وتعالى فهي قبيحة لنفسها كالجهل به، وكذلك كل ما جاز إلا بأمر الله سبحانه به فهو حسن للأمر به، وكل ما لم يجز إلا أن يأمر الله به فهو حسن لنفسه)).
وقد بنوا على هذا وجوب فعل الصلاح لله سبحانه وتعالى، فقد قال جمهورهم إن الله لا يصدر عنه إلا ما فيه صلاح، والصلاح واجب له ولا شيء مما يفعله جلت قدرته إلا وهو صالح ويستحيل عليه سبحانه أن يفعل غير الصالح:
١٦٢ - ويظهر من مجموع تفكيرهم وآرائهم ومناهجهم أنهم أخذوا من الفلسفة التي راجت سوقها في العصر العباسي، ولهذا كان كل عالم من العلماء ينحو في تفكيره منحى فلسفياً لا يجد من بين الفرق من يأوي إليه سوى المعتزلة.
ولقد كان أكثر علمائهم شغوفين بالدراسات الفلسفية، وهم مع ذلك الشغف اضطروا إلى هذه الدراسة، لأنهم تصدوا للذين هاجموا الإسلام، ومنهم فلاسفة، فجادلوهم، واستخدموا بعض طرقهم، وتعاموا كثيراً منها، ليستطيعوا أن ينالوا الفوز عليهم، فكانوا بحق فلاسفة المسلمين.
١٦٣ - والمعتزلة كانوا مقربين من أكثر الخلفاء في صدر الدولة العباسية؛ لأن المهدي كان يحتاج إليهم لكي يحاربوا الزندقة التي ظهرت في عهده، وقد اختلطت دعاوى الزندقة بنزعات سياسية ترمي إلى إحياء مجد فارس القديم، ودياناتهم القديمة.
(م ٩ - ابن حزم)
129