ومن أسماء الشيطان التي دخلت في الدلالات اللغوية اسم لوسيفر “Lucifer”
أو حامل النور، وهو في أصله اللاتيني اسم الزهرة حين تكون «كوكب صباح»، ولم تكن له من مبدأ الأمر دلالة سيئة، ولكنه جاء في كلام النبي أشعيا في معرض التبكيت لملك بابل الذي سمى نفسه بكوكب الصباح، وفهم الحواريون من كلام السيد المسيح «أنه رأى الشيطان كنجم سقط من السماء» أن المقصود هو الزهرة، وأنه كناية عن الخيلاء التي تقود صاحبها إلى السقوط، على أن سفر الرؤيا يذكر على لسان السيد المسيح أنه تحدث عن نفسه فقال: «أنا كوكب الصبح المنير.»
وإذا وصف إنسان اليوم بأنه «لوسيفر»، فالمفهوم من هذا الوصف أنه يلمع ويتخايل باللمعان، ويبلغ من العجب به حد السماجة والصفاقة، فهو الخطيئة الساطعة أو الخيلاء المتبجحة، ومن كان كذلك فسقوطه أمل يود الناس أن يتحقق، ولا يشعرون له بالرثاء الذي يصاحب المجد المنهار.
ويذكر الأوروبيون بعلزبوب وبعلزبول في مقام المتهكم بالرئاسة الشيطانية، وأصل بعلزبوب أنه إله معبود في عقرون، يقال عنه: إنه رب الطب، وإنه يشفي المرضى؛ لأنه سيد الشياطين. وكانت الأمراض العصبية كالجنون، والشلل، والفالج، والصرع، والهزال تنسب إلى تلبس الشيطان بجسم المريض.
ومعنى بعل زبوب رب الذباب، فحوله العبريون إلى بعل زبول، أي رب الزبالة؛ سخرية منه وتحقيرا لأمره ودعواه؛ لأنهم كانوا ينكرون عبادة البعل، ويدعون إلى عبادة «يهوا» أو الإيل، وقد قالوا حين سمعوا بمعجزات السيد المسيح في شفاء المرضى: إنه يشفيهم بمعونة رب الشياطين بعلزبول.
والدلالة اللغوية التي يفيدها وصف «بعلزبول» في أساليب العصر الحاضر هي الإقرار بالقدرة على قمع الشر؛ لأنها مستمدة من الشر نفسه، فهي الشيطنة التي تقمع الشياطين لزيادتها عليها في الشيطنة، لا لأنها تصلح أو تبتغي الإصلاح، وهي إلى ذلك لا ترتفع في قدرتها عن قدر الزبالة والذباب. •••
وهناك شيطنة خاصة تدل عليها كلمة مفستوفليس، ويقال إنها مأخوذة من كلمة يونانية مركبة تفيد معنى كراهة النور، ويرجحون أنها من «مي» بمعنى لا، و«فوس» بمعنى نور، و«فيلوس» بمعنى يحب، ولكن أصلها القديم متفق عليه، فهي مستمدة من السحر البابلي الذي سرى إلى الغرب على أيدي اليهود واليونان، وتمثل روحا من أرواح النحس التي تتسلط على بعض الكواكب، ويستعان بها على النكاية وخدمة الشهوات السوداء.
وشيطنة مفستوفليس «ذهنية» موسومة بعيوب الذهن في أسوأ حالاته من السخرية والاستخفاف، والزراية بالمثل العليا، واستباحة كل شيء بالحيلة والمكر والدهان، فهو ذهن يصنع الشر لأنه لا يبالي الشر والخير على السواء، وإذا طاب له الخير فعله غير مغتبط بفعله، كما أنه يفعل الشر ولا يلوم نفسه عليه، ويسر صاحبه أن يرى خيبة الأمل في الصلاح والفضيلة؛ لأنه يثبت بذلك فلسفة السخرية وسخافة المثل الأعلى، ويدفع عن نفسه نقد الناقدين واحتقار المحتقرين.
وقد كان مفستوفليس في القرون الوسطى شيطان السحر والمعرفة السوداء، وكان رجال الدين يتخذونه مثلا للعلماء الكفار الذين غرتهم المعرفة الدنيوية فانصرفوا إليها، وشغلوا بها عن معارف الدين.
ويتردد من حين إلى حين اسم إله الخراب أو إله القفار «عزازيل».
Halaman tidak diketahui