من اللاتينية
Esse ؛ وهو فعل الكينونة. ولفظ «هوية»
Identité
من الضمير
Id ؛ أي: هو.
وكما يتداخل مفهوم الهوية مع مفهوم الماهية، فإنه يتداخل أيضا مع مفهوم الجوهر، وتنتسب المفاهيم الثلاثة إلى جذر معنوي واحد، لا إلى جذر لغوي إلى مفهوم الأصل. وإذا كان مفهوما «الماهية» و«الهوية» مشتقين لغويين من نفس الجذر «هو»، فإن الجوهر استعارة من علم المعادن؛ من الجوهر النفيس؛ فالشيء جوهر؛ أي: غال. وهو في نفس الوقت لب الأشياء؛ كالمعدن النفيس بالنسبة إلى باقي الأحجار الكريمة، ومنها «جوهرة»، وقد استعارها الفلاسفة في تسمية كتبهم؛ مثل «جواهر القرآن» للغزالي.
الهوية خاصة بالإنسان والمجتمع، الفرد والجماعة. هي موضوع إنساني خالص، فالإنسان هو الذي ينقسم على نفسه، وهو الذي يشعر بالمفارقة أو التعالي أو القسمة بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، بين الواقع والمثال، بين الحاضر والماضي، بين الحاضر والمستقبل. هو الذي يشعر بالفصام، وهو الذي تنقلب فيه الهوية إلى اغتراب. الإنسان وحده هو الذي يمكن أن يكون على غير ما هو عليه، فالهوية تعبير عن الحرية؛ الحرية الذاتية. الهوية إمكانية قد توجد وقد لا توجد؛ إن وجدت فالوجود الذاتي، وإن غابت فالاغتراب.
الهوية إذن على الرغم من أنها موضوع ميتافيزيقي، فإنها مشكلة نفسية وتجربة شعورية؛ فالإنسان قد يتطابق مع نفسه أو ينحرف عنها في غيرها. الإنسان الواحد ينقسم إلى قسمين: هوية وغيرية، أو يشعر بالاغتراب إن مالت الهوية إلى غيرها أو انحرفت إليه. فالاغتراب لفظ فلسفي، والانحراف لفظ نفسي. الهوية أن يكون الإنسان هو نفسه، متطابقا مع ذاته؛ في حين أن الاغتراب هو أن يكون غير نفسه بعد أن ينقسم إلى قسمين؛ هوية باقية وغيرية تجذبها.
الهوية خاصية للنفس لا للبدن. هي حالة نفسية وليست حالة بدنية؛ طبقا للقسمة الأفلاطونية السينوية الشهيرة بين النفس والبدن. بيد الإنسان ذاته، وليست بيد الطبيب؛ حتى لو كان طبيبا نفسيا يرضي بها المريض انتظارا للموت، أو يعوضها بحالة نفسية نقيضة هي القوة التي لم يحصل عليها؛ كما هو الحال عند نيتشه؛ إرادة القوة كرد فعل على عجز البدن. يسميها المتدينون حالة روحية يغلب عليها الكفر لا الإيمان، الشرك لا التوحيد. فهي كفر برحمة الله ويأس منها، وإيمان بالشرك؛ أي: بالتوزع نحو قطبين، وقد تنشأ من البدن إذا كان عليلا ميئوسا من شفائه؛ إذ يتوق المريض إلى الصحة؛ وهي الحالة التي يرجوها ويتوحد معها. فالاغتراب حالة نفسية؛ كما أنه حالة بدنية. وإذا كان الاغتراب حالة وجودية، فلأن الوجودية لا تفرق بين النفس والبدن. والإنسان جسد كرد فعل على جعله روحا في الفلسفات القديمة، وكما هو الحال عند ميرلوبونتي وجابريل مارسل في فلسفة الجسد.
قد يعتبر بعض الوجوديين أن الهوية هي البدن؛ لرفضهم ثنائية النفس والبدن. «أنا جسمي - كما يقول جابريل مارسل - وعن طريق الجسم أتحرك وأنتشر في العالم وأعاشر جنسيا وأصارع». ويرفض سارتر مقولة ديكارت: «أنا أفكر»
Halaman tidak diketahui