صلوات الله عليهم. وكان الناس يقدمون على الحسين (عليه السلام) وينتفعون بما يسمع منه ، ويضبطون ما يروون عنه من الأحاديث والفتيا. وأما (فصاحته): فناهيك عن خطبته التي خطبها بالمدينة ، وخطبته الشهيرة التي خطبها بمكة قبيل خروجه منها ، وخطبته يوم عاشوراء ، وخطبته التي تعرب عن نفسه الكريمة وإبائه العظيم التي قال فيها : «ألا وإن الدعي ابن الدعي (1) قد ركز بين اثنتين ، بين السلة والذلة ، وهيهات منا الذلة ؛ يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت وطهرت ، وأنوف حمية ، ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام». قال ابن أبي الحديد يصف الحسين (عليه السلام): سيد أهل الإباء الذي علم الناس الحمية ، والموت تحت ظلال السمهرية اختيارا له على الدنية. أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) عرض عليه الأمان وأصحابه فأنف من الذل ، وخاف من ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان ، مع أنه لا يقتله ، فاختار الموت على ذلك. قال : وسمعت النقيب أبا زيد يحيى بن زيد العلوي البصري يقول : كأن أبيات أبي تمام في محمد بن حميد الطائي ما قيلت إلا في الحسين (عليه السلام):
وضيوف لفلاة قفرة
نزلوا فيها على غير قرى
Halaman 162