130

سألها عن شعورها الآن، وبالرغم من أنها كانت ترتعد، إلا أنها قالت: «لا بأس.»

دلك ذراعها من الكتف إلى المرفق وقال: «يا لك من كاذبة!» ولكنه لم يمسسها أكثر من هذا، ولم يجعل أي جزء من جسدها يستشعر شفتيه ثانية.

ولا بد أنه استعاد حس الاتجاهات بعدما قطعا عدة أميال عند بلوغهما تقاطع طرق؛ حيث إنه انعطف يسارا وتضاءلت الأشجار وصعدا طريقا وعرا على تل طويل، وبعد بضعة أميال وصلا إلى قرية، أو على الأقل مجموعة من المباني على جانب الطريق. كانت هناك كنيسة ومتجر، وكلاهما لم يفتحا أبوابهما ليخدما الغرض الذي أسسا من أجله؛ حيث كان يوجد على الأرجح من يعيش فيهما، وقد استدلت على ذلك من خلال السيارات الواقفة حولهما والستائر الرثة المعلقة على النوافذ. ثمة بضعة منازل في نفس الحالة وخلف واحد منها حظيرة متداعية، مع بروز قش قديم داكن بين عوارضها المتصدعة مثل الأحشاء المنتفخة.

بدت على نيل أمارات السعادة عندما رأى هذا المكان، ولكنه لم يتوقف عنده.

قال: «كم هدأ بالي الآن ... كم هدأ بالي الآن. الآن أعرف. شكرا لك.» «أنا؟» «لأنك سمحت لي بتعليمك القيادة. لقد أراحني هذا.»

قالت جريس: «أراحك؟ حقا؟» «نعم. حقيقي تماما.» كان نيل يبتسم ولكنه لم ينظر إليها، كان منشغلا في النظر من جانب لآخر عبر الحقول التي امتدت بطول الطريق بعد أن تجاوز القرية. كان يبدو وكأنه يتحدث إلى نفسه. «هذه هي. لا بد أن تكون كذلك. الآن نعرف.»

واستمر على هذا الحال حتى انعطف في حارة لم تمتد على نحو مستقيم، وإنما ملتو عبر حقل، متجنبا الصخور ورقع الأرض المزروعة بنبات العرعر. وفي نهاية الحارة كان ثمة منزل لا يبدو بحال أفضل من حال المنازل في القرية.

قال: «الآن، لن أصطحبك إلى داخل هذا المكان، لن أتأخر أكثر من خمس دقائق.» •••

ولكنه تأخر أكثر من هذا.

جلست في السيارة، التي كانت تربض في ظل المنزل. كان باب المنزل مفتوحا، ولكن الباب الشبكي كان مغلقا. كان السلك ينطوي على رقع تم إصلاحها؛ سلك جديد مشبوك بالقديم. لم يأت أحد لإلقاء نظرة عليها، ولا أي مخلوق. والآن بعد أن توقفت السيارة، امتلأ النهار بهدوء غير طبيعي. كان غير طبيعي لأنك قد تتوقع أن عصرا حارا كهذا سيكون مليئا بأزيز حشرات العشب وطنينها وصريرها وسط شجيرات العرعر . حتى وإن لم تستطع رؤيتها في أي مكان، فينبغي أن يعلو ضجيجها من كل شيء ينمو على الأرض، وتمتد بامتداد الأفق، ولكنه كان وقتا متأخرا من العام، متأخرا للغاية بحيث لا يمكنك حتى سماع صيحات الأوز وهو يحلق صوب الجنوب. بأي حال من الأحوال، هي لم تسمع شيئا.

Halaman tidak diketahui