Kebebasan Manusia dan Sains: Masalah Falsafah
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Genre-genre
الحرية في مستواها الأول - الحرية الأنطولوجية - في حد ذاتها بغض النظر عن نتائج التنظير لها ليست خاضعة لأية متغيرات ولا درجات ولا جهود، فإما أنها كائنة وإما أنها غير كائنة، هي وضع أو بالأصح حيثية من حيثيات الوضع الذي وجد الإنسان نفسه فيه يمكنه فقط أن يعيه أو يدركه، إنها تساؤل يجيب عنه العقل بشتى إمكانياته؛ لذلك فهي مشكلة فلسفية بحتة خالصة.
أما الحرية في المستوى الثاني فكسب يحرزه الإنسان، ونتيجة تسفر عنها جهود الدعاة وكفاح المصلحين، وفيها - أو من أجلها - تتشابك نظريات الفلاسفة أو جهودهم مع جهود الجميع: الاجتماعيين والسياسيين والتربويين والسيكولوجيين والمجديين والرواد والمبدعين ...
الحرية في المستوى الأول هي حرية الموقف الوجودي المطلق، أما في المستوى الثاني فهي حرية الموقف الجمعي النسبي؛ لذلك فالأولى مطلقة لا يمكن أن تكون نسبية، لا أجزاء لها ولا درجات، أما الحرية في المستوى الثاني فهي نسبية لا يمكن أن تكون مطلقة ولا تتحقق إلا بدرجات متفاوتة، الحرية في المستوى الأول يندرج تحتها كل ما يسمى بميتافيزيقيات الحرية وتجريداتها وكلياتها، والمعبر الرسمي والشرعي، بل والأوحد عنها، نظرية اللاحتمية، أما الحرية في المستوى الثاني فيندرج تحتها كل ما يسمى بوضعيات الحرية وتمثيلاتها، المعبرون عنها كثيرون، وإن كان أشهرهم النظرية الليبرالية المعبرة عن الحرية السياسية والاقتصادية، وبشيء من التجاوز نقول وأيضا الحرية الاجتماعية والشخصية، وإذا أخذنا بالتقسيم الشهير للحرية إلى حرية سالبة تعني مجرد انتفاء عوائق الحرية، وحرية موجبة تعني تعيين مجال محدد يمارس فيه حريته لقلنا إن الحرية من المستوى الأول سالبة «انتفاء الحتمية» والحرية من المستوى الثاني موجبة، الحرية الأنطولوجية الحقيقية لن تكون إلا سالبة ولا يمكن منطقيا أن تأتي إلا من اللاحتمية الأنطولوجية، وأخيرا إذا رمنا دقة المصطلح لقلنا إن المستوى الأول حرية
Freedom ، والمستوى الثاني تحرر
Liberty ، وقد توجد حرية بغير أن يتحرر بها الإنسان، على أن الحرية في مستواها الأول - الحرية الأنطولوجية - هي الأساس الأولي والشروط اللزومي والمسوغ الضروري للحرية في مستواها الثاني والذي بدونه تنتفي أية مشروعية للبحث عنها؛ لأن كل تلك الحريات العينية الجزئية البعدية كائنة بالطبع في هذا الكون، ولو كانت كل أحداثه محتمة سلفا في تسلسل علي بدء ببدء هذا الكون، يجعل كل ما يحدث لا بد أن يحدث ويستحيل أن يحدث سواه، فما جدوى اكتساب الحرية السياسية مثلا أو عدم اكتسابها طالما أن وقائع التاريخ ككل أحداث هذا الوجود محتومة؟ وما جدوى تحمل مسئولية الحرية الشخصية أو عدم تحملها طالما أن عوامل الوراثة والبيئة قد حتمت سلفا ردود أفعال معينة وبالتالي قرارات وتصرفات معينة، بل وطالما أن مسار حياتي قطرة من طوفان الأحداث الكونية السائرة في المسار المحتوم وهلم جرا ...
على هذا لا بد من إثبات الحرية الأنطولوجية، بعبارة أخرى، الوعي بها وإدراكها قبل أي محاولة للبحث عن حريات عينية على المستوى الثاني، وإلا وقعنا في ابتسار النظرة أو التناقض الذاتي ثم الانفصام أو الشيزوفرينيا.
الحرية الأنطولوجية وضع وجودي، حيثية من حيثيات الوجود الإنساني، تساؤل يثيره مجرد وجود الإنسان في هذا الوجود؛ لذلك فهي في واقع الأمر تلك المشكلة الفلسفية العريقة التي انشغل بها الفلاسفة منذ ديموقريطس وحتى الآن، أما الحرية في المستوى الثاني فلم تظهر كمشكلة حادة تتطلب النظر والتنظير فضلا عن العمل إلا مع الفلسفة الحديثة؛ كنتيجة للتطور التاريخي الحضاري الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والذي فجرته عوامل شتى على رأسها تقدم العلم وبدء فعالية قواه التكنولوجية.
كانت الحضارات الشرقية القديمة، كما يزعم هيجل، تسلم بالحرية العينية لرجل واحد هو الحاكم أو الأب والعبودية لكل من سواه، وحين أتت الحضارة الإغريقية كان تضررها من الطغيان، لا سيما بعد اتصالها أو قهرها عسكريا على الأقل للحضارة الفارسية ورؤيتها لنظام الملكية المطلق فيها وفي مقابل نظام المساواة الغريب في أسبرطة،
32
وعلى الرغم من هذا وأيضا من أن الحرية السياسية بمعنى استقلال الدولة، دولة المدينة بالنظر إلى الخارج والديمقراطية في داخلها كانت شعارا مرفوعا استخدمه على الدوام كتاب التاريخ منذ أواخر القرن الخامس عشر ق.م.، وأنها انتقلت من اليونان إلى الرومان
Halaman tidak diketahui