Kebebasan Manusia dan Sains: Masalah Falsafah
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Genre-genre
هذا الاستقلال النسبي للأحداث لا تتيحه إلا اللاحتمية فقط أما الحتمية الواحدية فلا تجيز - كما يؤكد جيمس - أن يكون هناك موجودات فردية منعزلة ما دام وجود كل موجود مرهونا بما بينه وبين الموجودات الأخرى من علاقات، وبدون ذلك لا يستقيم له كيان.
وهنا نتبين هول الفارق بين التصورين: في عالم الواحدية يسبق الكل الأجزاء ويتسلط عليها ويتحكم فيها؛ ليحفظ لها جميعا نظاما مكتملا محددا منضبطا، فهنا عالم ترتبط أجزاؤه ارتباطا وثيقا، ولكل جزء عمله المحدد، ومهمته المرسومة، فلا مجال إذن للحرية أو الاختيار بين بدائل، أما في عالم التعدد، فعلى العكس من هذا الأجزاء تسبق الكل، والكل في نمو متصل واكتمال مطرد ولم يتم بعد، نموه مرهون بانضياف أجزاء إليه،
79
وفي هذا الانضياف تتجلى الحرية الإنسانية.
إن التجريبية الراديكالية مثلما أقامت التعددية، تقيم أيضا بقية قرائنها من لاحتمية وحرية بما تتضمنه من مسئولية وجدة وابتكار، فيؤكد جيمس أن التجربة تظهر لنا أن الدور المنوط بالإنسان في الحياة لا يمكن أن يكون دور مشاهد سلبي لا يملك أن يفعل شيئا، وإنما دوره الأول أن يثبت وجوده ويعزز كيانه في عالم معقد متشابك تصطرع فيه قوى متعددة متباينة، وعلى الإنسان أن يجاهد ليفرض مثله العليا على هذا العالم، وفي وسعه أن يختار فيؤثر الخير وينبذ الشر،
80
والتجريبية الراديكالية تشهد أيضا بأن الحقيقة لا وجود لها في العقل، وإنما هي قائمة في التجربة الحية، وفي الحاضر الماثل، وفي ذلك الميدان الذي أمارس فيه نشاطي، فأقبل وأرفض وأعارض وأوافق، وأتردد وأقرر وأغامر وأضيف جهودي إلى تاريخ العالم، وفي كل لحظة يتقرر واحد من الإمكانيات العديدة التي تعرض لي ويتم لي تحقيقه، فيتحقق شيء جديد في العالم، وهذه هي النقطة التي ينحني عندها خط الأحداث المستقبلة، ويتجه اتجاها معينا دون آخر، هذه اللحظات التي يتبدى فيها الاختيار واضحا ليست حالات استثنائية ولا نادرة تطرأ على مجرى الأشياء بل هي في صميمها تطبيق لقاعدة عامة، هي قاعدة العالم وقاعدة الحياة، ففي كل زمان ومكان ثمة اختيار،
81
وبهذا لا تجعل التجريبية الراديكالية الحرية مرهونة بلحظة شاذة غريبة، أو عالم مفارق، بل تجعلها في صميم بنية العالم من حيث هو لاحتمي، فتمهد للقضاء المبرم على الشيزوفرينيا، والذي وطد له جيمس بمعالجته لسيكولوجيا الإنسان/إنسان يملك إرادة تحدد كم الانتباه، الحرية ليست كائنة، أو بالأحرى منفية إلى نومينا أو روح مطلق أو أنا متعال، بل هي كائنة في نفس هذا العالم الذي نحيا فيه، ويمر بخبرتنا تعدديا لاحتميا، أي غير مصبوب في قالب نهائي بل يحمل مستقبله أكثر من إمكانية، وفي تعيين وتحقيق إحداها فعل حر، ذو جدة وموضع للمساءلة.
أما من الناحية البرجماتية، فثمة ارتباط بين ميتافيزيقا تعددية لهذا الكون، وبين البرجماتية التي سبقتها إلى ذهن جيمس، حتى يمكن أن يكونا وجهين لعملة واحدة، فالبرجماتية تطبيق للتعددية، ويمكن أن يكون العكس أيضا صحيحا، فالمنهج البرجماتي والمعيار البرجماتي للحقيقة يطبقان مرارا وتكرارا في البرهنة على التعددية وعلى رفض الواحدية، والتعددية أيضا تطبيق للبرجماتية، بمعنى أن التفسير البرجماتي للمعرفة يهيئ حالة خاصة للميتافيزيقا التعددية.
Halaman tidak diketahui