حقوق الإنسان في الإسلام لعبد الفتاح عشماوي
حقوق الإنسان في الإسلام لعبد الفتاح عشماوي
Penerbit
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genre-genre
والحديث كما نرى لو بسطنا فيه القول من كل الجوانب المتصلة به لامتد بنا الأمر وأكثرها لا يتصل بالباب الذي نحن بصدده، فنأخذ منه فقط بعض ما نريده:
١- أبو هريرة امتحن في أمر يتصل بإزهاق روحه، وهو الجوع، ولكنه ازداد إيمانًا بربه، فلم ينحن ليأخذ لقمة خبز بسؤال، ولم يردد كلمات الزور العالمية اليوم، الإقطاع، الطبقات، التسلط، الشيوعية، لماذا أجوع وغيري شبعان، إذًا نؤمم، إذًا نصادر، إذًا نستولي على الحقوق، باسم العدالة والمساواة والاشتراكية.
٢- كوفئ أبو هريرة بوقوع معجزة عظيمة كان هو سببها، فكأس من الحليب يشبع أهل الصفة، وعددهم في أقل الروايات ثلاثون، ثم يظل هو يشرب من تلك المعجزة حتى يقول للرسول ﷺ: لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكًا، وهو الذي حدث نفسه وهو يدعو أَهل الصفة بأن قدح اللبن لن يغني عنه ولا عن أهل الصفة شيئًا، وساءه ذلك التصور كما ذكر عن نفسه في الحديث.
٣- القائد العظيم والمشرّع الكريم بأمر ربه صلوات الله عليه لم يشرب إلا آخرهم جميعًا، وهو خيرهم وسيدهم جميعًا، أسَمِعت الدنيا بحكام وقيادات من هذا الطراز، إلا طراز واحد هو شرع الله أَرحم الراحمين بعباده، وأَقام على تنفيذه إنسانًا معصومًا من الحيف والظلم والأنانية كما هو حال غالبية حكام اليوم من عرب ومسلمين بل شيوعيين واشتراكيين ورأسماليين إلى غير ذلك من أَسماء ابتدعوها وحتى ما طبقوها إلا على الضعفاء، واستثنوا منها أَنفسهم والأقوياء.
ومشينا بعدالتنا النازلة من السماء أحقابًا سعيدة هنيئة، حتى يأتي يوم في عصر الخليفة الراشد بعد الأربعة الراشدين وهو خامسهم عمر بن عبد العزيز ﵁، فيبعث بيحيى بن سعيد لجمع زكوات إفريقية، يقول يحيى بن سعيد، طلبت الفقراء لأعطيهم حقهم في الزكاة، فلم نجد فقيرًا بها، ولم نجد من يأخذها،- وهكذا أغنت عدالة الإسلام كل الناس، حتى الضاربين في الصحراء والفيفاء، ويثني الشاعر جرير على عدالة عمر بن عبد العزيز وحَدَبه على جميع المسلمين. بقصيدة منها:
كم باليمامة من شعثاء أرملة ... ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
ممن يعدك تكفي فقد والده ...
كالفرخ في العش لم ينهض ولم يطر
إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ... من الخليفة ما نرجو من المطر
57 / 109