125

Hujjat Allah Baligha

حجة الله البالغة

Penyiasat

السيد سابق

Penerbit

دار الجيل

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

سنة الطبع

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

يرجع إِلَيْهِم فَرُبمَا توجه بذلك بعض اللائمة إِلَيْهِم لكَوْنهم استوحبوا ذَلِك بِمَا عِنْدهم قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم﴾ . وَقَالَ النَّبِي [ﷺ]: " مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " وَبَين نُقْصَان دينهن بقوله " أَرَأَيْت أَنَّهَا إِذا حَاضَت لم تصل، وَلم تصم ". وَاعْلَم أَن أَسبَاب نزُول المناهج فِي صُورَة خَاصَّة كَثِيرَة لَكِنَّهَا ترجع إِلَى نَوْعَيْنِ. أَحدهمَا كالأمر الطبيعي الْمُوجب لتكليفهم بِتِلْكَ الْأَحْكَام، فَكَمَا أَن لأفراد الْإِنْسَان جَمِيعهَا طبيعة وأحوالا ورثتها من النَّوْع توجب تكليفهم بِأَحْكَام، كَمَا أَن الأكمه لَا يكون فِي خزانَة خياله الألوان والصور، وَإِنَّمَا هُنَالك الْأَلْفَاظ والملموسات وَنَحْو ذَلِك، فاذا تلقى من الْغَيْب علما فِي رُؤْيا أَو وَاقعَة أَو نَحْو ذَلِك، فَإِنَّمَا يتشبح علمه فِي صُورَة مَا اختزنه خياله دون غَيره، وكما أَن الْعَرَبِيّ الَّذِي لَا يعرف غير لُغَة الْعَرَب إِذا تمثل لَهُ علم فِي نشأة اللَّفْظ، فَإِنَّمَا يتَمَثَّل لَهُ فِي لُغَة الْعَرَب دون غَيرهَا، وكما أَن الْبِلَاد الَّتِي يُوجد فِيهَا الْفِيل وَغَيره من الْحَيَوَانَات سَيِّئَة المنظر يتَرَاءَى لأَهْلهَا إِلْمَام الْجِنّ وتخويف الشَّيَاطِين فِي صُورَة تِلْكَ الْحَيَوَانَات دون غير تِلْكَ الْبِلَاد، وَالَّتِي يعظم فِيهَا بعض الْأَشْيَاء، وَيُوجد فِيهَا بعض الطَّيِّبَات من الْأَطْعِمَة والألبسة - تتراءى لأَهْلهَا النِّعْمَة وانبساط الْمَلَائِكَة فِي تيك الصُّور دون غير تِلْكَ الْبِلَاد، وكما أَن الْعَرَبِيّ المتوجه إِلَى شَيْء ليفعله أَو طَرِيق ليسلكه إِذا سمع لَفْظَة رَاشد أَو نجيح كَانَ دَلِيلا على حسن مَا يستقبله دون غير الْعَرَبِيّ وَقد جَاءَت السّنة بِبَعْض هَذَا النَّوْع - فَكَذَلِك يعْتَبر فِي الشَّرَائِع عُلُوم مخزونة فِي الْقَوْم واعتقادات كامنة فيهم وعادات تتجارى فيهم كَمَا يتجارى الْكَلْب. وَلذَلِك نزل تَحْرِيم لُحُوم الابل وَأَلْبَانهَا على بنى إِسْرَائِيل دون بني إِسْمَاعِيل، وَلذَلِك كَانَ الطّيب والخبيث فِي المطاعم مفوضا إِلَى عادات الْعَرَب، وَلذَلِك حرمت بَنَات الْأُخْت علينا دون الْيَهُود، فانهم كَانُوا يعدونها من قوم أَبِيهَا لَا مُخَالطَة بَينهم وَبَينهَا، وَلَا ارتباط، وَلَا اصطحاب، فَهِيَ كالأجنبية بِخِلَاف الْعَرَب، وَلذَلِك كَانَ طبخ الْعجل فِي لبن أمه حَرَامًا عَلَيْهِم دُوننَا، فان علم كَون ذَلِك تغييرا لخلق الله ومصادمة لتدبير الله حَيْثُ صرف مَا خلقه الله لنشء الْعجل ونموه إِلَى فك بنيته وَحل تركيبه كَانَ راسخا فِي الْيَهُود متجاريا فيهم، وَكَانَ الْعَرَب أبعد خلق الله عَن هَذَا الْعلم حَتَّى لَو ألْقى عَلَيْهِم لما فهموه، وَلما أدركوا المناط الْمُنَاسب للْحكم،

1 / 164