فداعب ذقنها بأصابعه، وهو يسأل: وهل بالقوة يمارس الإنسان ما لا يحب؟ - الخنزيرة، هل نسيت؟ - سمراء، عليات عانت تجربة مريرة مثلك، وهي شارعة الآن في الزواج. - لن تتزوج.
فهاله القرار، وقال: لست قاسية ولا شريرة. - إذن فأنت لم تعرفني بعد. - ولكن ماذا تنوين يا عزيزتي؟ - سأطلع خطيبها على حقيقتها.
فهتف: لا. - بلى. - لا أصدق. - سوف ترى.
فأسكتته الهزيمة مليا، ثم قال: لقد تركت معذبك الأول يمرح بلا عقاب! - كنت غرة.
وتحول حسني عنها في يأس ومضى نحو البار.
38
اختفى مرزوق أنور، فلم يعثر له أحد على أثر. فعل فعلته واختفى. قضى على نفسه بحبس شبه انفرادي في بنسيون بحلوان. ومن محبسه تابع أخباره في المجلات الفنية. أخبار طريفة حقا. مرزوق يهرب من بيت الزوجية، ويرسل إلى فتنة ناضر وثيقة الطلاق ورسالة مؤثرة، فتنة تنهار عصبيا، ويعودها الأطباء، فتنة تبحث عن مطلقها في مظانه، فلا تقف له على أثر. وتمضي فترة تخفت بعدها الأصوات، وتنداح الحادثة في خضم الحادثات. وتمضي فترة أخرى، ثم ينشر خبر عن قبول فتنة العمل في فيلم جديد من إخراج أحمد رضوان. وقال مرزوق لنفسه إنه كالميت، ولكن أتيح له ما لم يتح لميت من قبل، وهو أن يشهد ما خلفه وراءه من وجود وعدم. وقال أيضا بأنه لم يكن أمامه إلا إحدى اثنتين، فإما حياة كلب أمين أو قواد. ولما استقر كل شيء في موضعه رجع إلى أهله، وقرر السعي إلى الالتحاق بوظيفة.
وما تدري عليات يوما - وهي في مكتبها - إلا وهو يفاجئها بزيارة. تطلعت إلى وجهه نصف دقيقة كأنما هي في شك من هويته. جرحه ذلك حتى أدماه. وقال لها: لم يكن مفر من حضوري.
ولم تفهم مراده، ووضح له أنها برمة بزيارته، ولكنه قال: أود أن أعتذر لأستطيع مواصلة الحياة.
فتمالكت مشاعرها، وقالت: لا أهمية لذلك.
Halaman tidak diketahui