فقالت بقوة وثقة: فكرت .. وتبين لي أنني لم أكن بحاجة إلى تفكير البتة! - أما أنا فلا أحب أن أكون أنانيا. - إنه قراري أنا، وكيف تقرن الأنانية بشخصك بعد أن ضحيت بالعزيز الغالي!
فأسند رأسه إلى يده، وقال: ولكني خجلان. - أما أنا فسعيدة جدا.
وقالت عليات: صدقها، إني مطلعة على مكنون قلبها!
وكانت في الخارج تعصف رياح مزمجرة، ثم هطلت الأمطار خمس دقائق صفا بعدها الجو، وتفشى الدفء والنقاء، وشذا السماء. وأوى إبراهيم إلى فراشه، وسرعان ما نام نوما عميقا. وبقيت عليات وسنية في حجرة الجلوس وحدهما، وبين أيديهما إبريق شاي، وطبق مملوء بالفول الأخضر. وتبدت سنية سعيدة، وجياشة الصدر بعواطف لم تفصح عنها بعد. وانبعث في صدرها ينبوع إلهام، فأشعرها بشجاعة متحدية وفدائية. قالت: إني أفكر.
فرمقتها عليات مستطلعة، فقالت: لا أريد أن أخدعه!
ففزعت عليات قائلة: كلا! - لا أريد ...
فقاطعتها بخوف: أخي رغم شبابه متشبع بآراء أبي وأمي في هذه المسألة بالذات، فلن يفهمك أبدا! - أعتقد العكس. - كلا، حسبك أنك مخلصة له حقا.
فتساءلت سنية في ارتياب: أليس من حقه أن يعلم؟ - كلا، لا أعترف بحق لا يجلب إلا الشقاء، وهو لن يفهمك! - وإذا تراءى له أن يسأل؟ - حسبك أنك مخلصة له، والإخلاص يحجب ما كان قبله!
وتفكرتا معا في صمت وقلق، حتى قالت عليات: لم نشق باللهو، فلا يجوز أن نشقى بالحب الحقيقي.
ولمست في نبرتها حسرة على تعاستها، فقالت متأثرة: ستجدين الحب مرة أخرى، إنه مع الحياة دائما! - كوارث السلام لا تقل عن كوارث الحرب! - أعتقد أن كارثة حلت بأخي مرزوق، وهو لا يدري!
Halaman tidak diketahui