فقالت له: ويحك! ما حملك على هذه المنى؟ أوليس في سعة العافية ما كفانا جميعا؟
ومما ذكر عنهما هذه الحكاية التالية: «سعت أمة لبثينة بها إلى أبيها وأخيها، وقالت لهما: إن جميلا عندها الليلة. فأتياه مشتملين على سيفين، فرأياه جالسا حجزة منها يحدثها ويشكو إليها بثه. ثم قال لها: يا بثينة، أرأيت ودي إياك وشغفي بك، ألا تجزينه؟ قالت: بماذا؟ قال: بما يكون بين المتحابين. فقالت له: يا جميل أهذا تبغي؟ والله لقد كنت عندي بعيدا منه، ولئن عاودت تعريضا بريبة لا رأيت وجهي أبدا. فضحك وقال: والله ما قلت لك هذا إلا لأعلم ما عندك فيه. ولو علمت أنك تجيبينني إليه لأدركت أنك تحبين غيري. ولو رأيت منك مساعدة عليه لضربتك بسيفي هذا ما استمسك في يدي، ولو أطاعتني نفسي لهجرتك هجرة الأبد، أوما سمعت قولي:
وإني لأرضى من بثينة بالذي
لو أبصره الواشي لقرت بلابله
بلا، وبأن لا أستطيع وبالمنى
وبالأمل المرجو قد خاب آمله
وبالنظرة العجلى، وبالحول تنقضي
أواخره، لا نلتقي وأوائله
فقال أبوها لأخيها: قم بنا فما ينبغي لنا بعد اليوم أن نمنع هذا الرجل من لقائها. فانصرفا وتركاهما.»
وتزوجت بثينة من آخر غير جميل، ولكنها بقيت تحفظ عهده ويزورها خفية في بيت زوجها، إلى أن علم زوجها بذلك فشكاه للوالي، فأهدر دمه إذا عاود، فانقطع جميل عن الزيارة.
Halaman tidak diketahui