على أنه لا يمكن إخفاء العشق مهما تستر المرء ومهما حاول التكتم. وفي ذلك يقول أنتيفان: «شيئان لا يمكن أن يخفيهما أي إنسان، كائنا من كان، مهما بلغت قدرته على الكتمان: كونه مخمورا، وكونه عاشقا.»
وفي نفس هذا المعنى يقول أعرابي: «العشق خفي أن يرى، وجلي أن يخفى؛ فهو كامن ككمون النار في الحجر، إن قدحته أورى، وإن تركته توارى.»
ولا ريب في أن عدد من يموتون بسبب العشق كل يوم أضعاف من يموتون بحوادث الطريق المحزنة.
وقد يكون العشق في نظرك تمثالا بديعا تفتنك دقة صنعه، ولكنك سرعان ما تهشمه وقد تشبعت روحك وعقلك بجماله.
وما من شك في أن العشق قوي، فلا يمكن فصله عن الإنسان، ولكنه قد يتسلل إلى مدى بعيد. فيوم يبدأ لا يزول أبدا.
والعشق الحقيقي القوي يعيش في الذاكرة، والمرأة التي لا تنطبع روحها بالعشق لا تستطيع أن تقول إنها تعشق أو إنها تعرف ماهية العشق.
فللعشق حمى تبعث في المرء دفئا وحرارة دونهما كل دفء وحرارة، وتثير فيه ذكريات وآمالا لا يدانيها أي ذكرى ولا أي أمل.
يقول سقراط: «إن العشق قوة هيأها الله سبحانه وتعالى لبقاء الحيوان؛ وذلك لأنه يحرض الحيوان على النكاح الذي تكون منه الأولاد، فتبقى صورة الحيوان، إذا لم يكن في بقاء الأفراد حيلة.» وهذا ما نسميه بالمحافظة على الجنس.
ولا أدل على قوة العشق من هذه الفقرة التي كتبتها الشاعرة الإغريقية «سافو» على لسان عذراء أحست بالعشق يدب في أوصالها فقالت: «أماه الحلوة! لم تعد لي طاقة للعمل على النول، فقد آن لي أن أتطلع بولع إلى عشق فتى بمعونة «فينوس» الحنونة.»
والعاشق - من فرط قوة العشق - قد يجول في العالم كمن يمشي في نومه بأعين تظهر مفتوحة لمن يلاحظه، بينما الحقيقة أنه لا ينظر غير أوهامه الداخلية.
Halaman tidak diketahui