How to Love God and Long for Him
كيف نحب الله ونشتاق إليه
Penerbit
مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
الحل أيضًا في مداومة قراءة القرآن آناء الليل وأطراف النهار، لتزداد مساحة حب الله في قلوبنا شيئًا فشيئًا، فيثمر ذلك شوقًا مستمرًا إليه يجعل صاحبه في عجلة دائمة للاتصال بالله من خلال قراءة القرآن في الصلاة وخارج الصلاة وكذلك في الدعاء والذكر والمناجاة ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ [طه: ٨٤].
وخلاصة القول:
إن أفضل شيء وأحب شيء نتقرب به إلى الله: قراءة القرآن بالتدبر والتفهم والترتيل والصوت الحزين (التباكي) قال ﷺ: «ما تقرب العباد إلى الله بشيء أحب إليه مما خرج منه» (١).
وكلما ازداد حب المرء لربه، ازداد حبًا لكتابه ولكثرة قراءته.
قال أبو سعيد الخراز: من أحب الله أحب كلام الله، ولم يشبع من تلاوته (٢).
ثانيًا: التفكر في الكون وأحداث الحياة
الإيمان بالحقائق والمعارف التي تم ذكرها يحتاج إلى تذكرة دائمة تستثير المشاعر، وتُنشئ الإيمان وترسخه في القلب، والقرآن - كما أسلفنا - هو المدخل الأساسي لذلك بما فيه من آيات ودلائل تدل على الله ﷿ وتعرفنا بمظاهر حبه لعباده ومدى رأفته وشفقته وبره بهم.
ومع الآيات المقروءة في القرآن تأتي الآيات المرئية والمنظورة في الكون وأحداث الحياة.
فكل ما في الكون يدل على الله ويُذكِّر به ﴿أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: ٥٣].
ولقد حثنا - سبحانه - على أن نتفكر في آياته المبثوثة في كونه، وفيما يمر بنا من أحداث في حياتنا لتكون وسيلة للتذكرة الدائمة به، ومن ثمَّ الوصول إلى معرفته، وحبه، والتعلق التام به.
تأمل قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ - وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ - تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ﴾ [ق: ٦ - ٨].
ومما يلفت الانتباه أن الله ﷿ يُصرف الآيات الكونية ويكررها بأشكال مختلفة، كما يكرر الآيات بأساليب مختلفة في القرآن ليتم من خلالها التذكرة والتبصرة، ومن ثم يزداد الإيمان رسوخًا في القلب ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ [الأنعام: ٦٥].
ومثال ذلك: الحر الشديد أو البرد الشديد، أو العواصف، أو ... كل ذلك آيات تذكر بالله ﷿.
وكما أن الله ﷿ قد ذم من يعرض عن تدبر القرآن وفهم المراد من آياته، فإنه كذلك قد ذم من يعرض عن التدبر والتفكر في آياته المبثوثة في كونه ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ [الأنعام: ١٥٧]. ﴿وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾ [يوسف: ١٠٥].
لا بديل عن التفكر
لا بد إذا من التفكر في آيات الله المبثوثة في كونه المنظور والذي يشمل المخلوقات التي تراها أعيننا كالسماء والجبال والأشجار، ويشمل كذلك أحداث الحياة المختلفة التي تمر بكل إنسان.
﴿أَوَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَّكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ﴾ [الأعراف: ١٨٥].
فيستدل المرء من خلالها على الله ﷿ فيزداد به معرفة، فإذا ما تجاوب القلب مع هذه المعرفة ازدادت مساحة الإيمان فيه، وانجلت بصيرته، وشيئًا فشيئًا يتنور القلب فيرى بهذا النور صفات ربه تتجلي من وراء كل شيء تراه عيناه، فيوحده التوحيد الحقيقي، ويربط حياته كلها به.
_________
(١) كنز العمال ٢٢٥٧.
(٢) مجموعة رسائل الحافظ ابن رجب ٢/ ٤٧.
1 / 63